للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الَّذِى شَجَرَ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَإِنِّى لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الحَقِّ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلا صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِىٌّ لأَبِى بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلاةَ الظُّهْرِ، رَقِىَ عَلَى المَنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأنَ عَلِىٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِى اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ. وَتَشَهَّدَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِى بَكْرٍ، وأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِى صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ، وَلا إِنْكَارًا لِلَّذِى فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِى الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَوَجَدْنَا فِى أَنْفُسِنَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلَمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ. فكَاَنَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِىٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ.

٥٣ - (...) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ - أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ والعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطَلُبَانِ أَرْضهُ مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ. فَقَالَ لَهُمَا أَبُو بَكْرٍ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَسَاقَ الحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ قَامَ عَلِىٌّ فعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِى بَكْرٍ، وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَبَايَعَهُ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِىٍّ فَقَالُوا: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ. فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِىٍّ حِينَ قَارَبَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ.

ــ

وقوله: " فعظم حق أبى بكر - رضى الله عنه - وأنه لم يحمله على الذى صنع نفاسة على أبى بكر ". زاد فى رواية الليث فى غير مسلم: " وحدث أنه لم يحمله على الذى صنع " وهو بيان الكلام. وفى هذا كان صحة مذاهب أهل السنة فى صحة خلافة أبى بكر [الصديق] (١) - رضى الله عنه - والإجماع عليها، بخلاف ما تدعيه الشيعة والرافضة. وقد يكون الذى وجد على - رضى الله عنه - ما فى نفسه من الحق الذى استبد عليه فيه؛ أنه لم يشاور عند عقد البيعة لأبى بكر - رضى الله عنه - ولا عقدت لمحضره، وكان من حق مثله ذلك. لكن عذر ذلك بين المبادرة خوف الخلاف حينئذ.

وقوله: " لحقوقه التى تعروه ونوائبه ": يريد ما تطرأ عليه من حق ويغشاه. يقال: عروته واعتريته وعررته واعتررته: إذا أتيته تطلب منه حاجة.


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>