وقوله فى حديث زهير بن حرب والحلوانى: فقال لهما أبو بكر - رضى الله عنه -: " لا نورث، ما تركنا صدقة "، وعاشت بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة أشهر: فيه حذف ونقص، وتمامه فى الحديث قبله:" فوجدت فاطمة على أبى بكر - رضى الله عنه - فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة أشهر ".
قال الإمام: خرج مسلم فى بعض طرق هذا الحديث: نا زهير بن حرب وحسن الحلوانى، قالا: نا يعقوب بن إبراهيم، قال: نا أبى عن صالح، عن ابن شهاب، عن عروة. هكذا إسناده عند الجلودى، وفى نسخة ابن العلاء: نا يعقوب بن إبراهيم. وخرجه أبو مسعود الدمشقى عن مسلم فقال: نا زهير بن حرب، قال بعضهم: وأكثر ما يجىء مسلم بنسخة صالح بن كيسان هذه عن زهير وحسن جميعاً عن يعقوب.
قال القاضى: تفسير صدقات النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذكور فى هذه للأحاديث، وذلك أن صدقاته التى تخلفها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تصيرت إليه بثلاثة حقوق:
أحدها: ما وهبه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك وصيته مخيريق اليهودى عند إسلامه يوم أحد، وكانت سبعة حوائط فى بنى النضير، وما أعطاه الأنصار من أراضيهم، وذلك ما لم يبلغه الماء، وكان منه موضع بسوق المدينة، وكان هذا ملكاً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومن هذا - والله أعلم - أقطع الزبير بالمدينة ما جاء من مال بنى النضير - والله أعلم - إذ لا يقطع إلا ما يملك لا ملك غيره.
الثانى: حقه من الفىء من سائر أرض بنى النضير حين أجلاهم، كانت له خاصة؛ لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، وقسم بين المسلمين أموالهم إلا ما حملته الإبل غير السلاح، حسبما كان وافقهم عليه عند إجلائهم، وحبس الأرض لنفسه ولنوائب المسلمين.