للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكَ، وَصَدَقَتِهِ بِالمَدِينَةِ. فَأَبى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ بِهِ إِلا عَمِلْتُ بِهِ، إِنِّى أَخْشِى إِنْ تَرَكْتُ

ــ

وكذلك نصف أرض فدك صالح أهلها بعد خيبر على نصفها، فكان خالصاً لها. وكذلك ثلث أرض وادى القراء أخذه فى الصلح مع يهود أهلها، وكان لهم ثلثا الأرض وكذلك حصنان من حصون خيبر؛ الوطيح والسلالم، أخذهما صلحاً على أن إجلاء من فيه عنهما.

الثالث: سهم من خمس خيبر وما افتتح منها عنوة، وهو حصن الكتيبة، كان من خمس الغنيمة منها، واقتسم الناس سائر ما أخذه منها عنوة. قال أكثرهم: فكان هذا خاصاً بالنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يستأثر به، وصرفه فى مصالح المسلمين بعد إخراج حاجته وحاجة عياله وآله، ووضع ذلك حيث شاء مما فيه المنفعة للمسلمين. وكافة العلماء على أنها صدقات محرمات التمليك بعده.

فأما ما كان من ذلك بالمدينة من أقوال بنى النضير ووصيته مخيريق فى جملتها، فهى التى وضع عمه العباس وعلى - رضى الله عنهما - ليقوما عليها ويصرفاها فى مصالح بنى هاشم، وأما ما عداها فأمسكها عمر عنهما لنوائب المسلمين، وصرفها فى المصالح التى كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصرف بقية صدقاته فيها. وأما أبو بكر - رضى الله عنه - فكان يرى أنه خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القائم مقامه فى جميع ذلك، ففعل ما كان يفعل فى مصالح قرابته وغيرهم، ولم ير إخراج ذلك عن نظره. قال الشافعى: كان للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالصاً من هذا كله، خمس الخمس من الغنيمة والفىء والأربعة الأخماس الباقية من الفىء، وهو حقه الذى يسوغه الله تعالى له وغير ذلك، يقسمه على من سمى الله سبحانه فى كتابه من الأصناف الأربعة: ذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. يقسمها بينهم لكل صنف ربع ذلك حق عنده من حقوقهم، وهو قول جماعة من العلماء غيره. وقال مالك: الخمس والفىء سواء، وهو مرصد لمصالح المسلمين آخراً ما كان فى زمن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولاً ليس لأحد فيه حق معين ولا نصيب مقدر، وإنما بين الله بما سماه مواضع تصريفه لا قسمته بينهم لا ذوى القربى ولا غيره، والنظر فيه للإمام كما كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل فيه باجتهاده من قسمته على هؤلاء بما يراه، أو على من يستحقه منهم عنده، ويعطى أقرباء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم باجتهاده وكذلك أقرباؤه، ويوقفه لنوائب المسلمين إذا رأى ذلك، كما كان يفعل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكما قال: " إنما يأكل آل محمد من هذا المال كفافاً "، وهو قول جماعة من العلماء.

اختلف القائلون أولاً بتقرير نصيب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونصيب ذوى القربى فى حكم ذلك بعد موت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الشافعى مرة: سهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرجع لمصالح المسلمين يصرفه الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>