للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ، فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ، فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِىٌّ. وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ وَقَاَلَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِى تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِىَ الأَمْرَ. قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ.

ــ

فى الأهم فالأهم، وقال مرة: يرجع إلى أصحاب السهام الباقين ويسقط كَرَّة فيكون القسم على أربعة. وقال مرة: هى للمقاتِلة خاصة؛ لأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما كان يأخذه لمكانه من الهيبة فى قلوب العدو وطلبه لهم، فالمقاتلة مقامه وعنده فى كل ذلك بقائهم ذوى القربى على ما كان. وقال أبو حنيفة: يسقط بعد موت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النصيبان، ويقسم الفىء والخمس على الثلاثة الباقية: اليتامى والمساكين وابن السبيل. وعنه - أيضاً -: يرجع سهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسهم ذى القربى فى السلاح والكراع. وقال بعض العلماء نصيب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأئمة بعده ملكاً، ونصيب قرابته لقرابتهم، وهو قول أبى ثور فى سهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

واختلفوا فى ذى القربى من هم؟ فالجمهور أنهم بنو هاشم وبنو المطلب. وذهب بعض السلف أنهم قريش أجمع. واختلفوا هل يستحقه الفقير منهم خاصة دون الأغنياء أم جميعهم؟ ثم اختلفوا فى قسمهم إياه بعد موته، أهو على السواء، أم بحكم قسمة المواريث لرجوعه إليهم واستحقاقهم له بالقرابة؟ ومذهب الشافعى أنه حق لهم، يسوى فيه بين كبيرهم وصغيرهم وغنيهم وفقيرهم، ولذكرهم سهمان وللأنثى سهم.

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نورث ما تركنا صدقة ": حديث مُجتمع على صحته وقبوله من أهل السنة، وأن الكلام جملتان و " ما تركنا " فى موضع رفع بالابتداء و " صدقة " مرفوعة بخبره، خلافاً للإمامية فى تأويل الحديث وتحريفه عن موضعه، وقولهم: إنما هو يورث بالياء " وصدقة " بالفتح، أى ما تركه صدقة فلا يورث " وما " فى موضع المفعول " وصدقة " منصوب على الحال والتفسير. وهذا تدافع من قائله ومخالفة لما فهم منه أهل اللسان، وما حمله عليه أئمة الصحابة من رواة هذا الحديث، وما وقع فى سائر الروايات والألفاظ الأخر من قوله: " لا نورث ما تركنا فهو صدقة " وقوله: " كل مال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقة لا يورث ".

وقد اعترض بهذا الهوس أبو عبد الله بن المعلم، أحد أئمة الإمامية على القاضى أبى على بن شاذان، صاحب القاضى أبى بكر الباقلانى وأحد أئمة متكلمى أهل السنة، لما استدل عليه بهذا الحديث، وقال له: إنما نفى وراثة ما تركوه صدقة، وأما ما ترك على غير الصدقة فلا تمنع وراثته. واعتمد بهذه النكتة لعلمه بفصور أبى على فى العربية، فقال له أبو على فى جوابه: لا أعلم ما صدقة من صدقة، ولا أحتاج إليه فى هذه المسألة، فإنه لا شك عندى وعندك أن فاطمة - رضى الله عنها - من أفصح العرب وأعلمهم بالفرق بين

<<  <  ج: ص:  >  >>