للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِى. فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ. قَالَ: فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمَكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأمُرَنِى بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ؟ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ ". فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ، لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ".

١١٢ - (١٧٩٦) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِى عَوَانَةَ. قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ. قَالَ: دَمِيَتْ إِصْبَعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى بَعْضِ تِلْكَ المَشَاهِدِ. فَقَالَ:

" هَلْ أَنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِى سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ "

١١٣ - (...) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ،

ــ

وقوله: " فلم أستفق إلا بقرن الثعالب ": أى لم أنتبه حتى أتيت هذا الموضع، لقوله قبل: " فسرت مهموماً على وجهى ". وقرن الثعالب أو قرن المنازل: وهو ميقات أهل نجد، على يوم وليلة من مكة. وأصله الجبل الصغير ينقطع من الجبل الكبير.

وقوله: دميت إصبع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى بعض تلك المشاهد فقال:

" هل أنت إلا إصبعٌ دميت ... وفى سبيل الله ما لقيت "

فيه التمثل بالأرجاز فى الحوادث تحدث على عادة العرب، وقد تقدم الاختلاف فى الرجز وهل هو شعر؟

وجه قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له وإنما قاله فيما روى الوليد بن الوليد بن المغيرة في هجرته، وروى - أيضاً - لزيد بن حارثة فى مؤتة. وقد رواه بعضهم: " دميت " و " لقيت " ليذهب وزنه، وذلك لا يغنى من وزنه وزن ثابت، وقد تقدم الكلام قبل على أن مثل هذا كان من قوله أو متمثلاً به غير معارض لقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} (١).


(١) يس: ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>