للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى غَارٍ، فَنُكِبَتْ إِصْبَعُهُ.

١١٤ - (١٧٩٧) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جُنْدُبًا يَقُولُ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ المُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ. فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَالضُّحَى. وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (١).

ــ

وقوله في الرواية الأخرى: " كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى غار فنكبت إصبعه "، قال القاضى أبو الوليد الكنانى: لعله غار مصحف من غرو، ولما جاء بعد: " فى بعض المشاهد ". ورواية البخارى (٢): بينا النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشى إذا جاءته حجر.

قال القاضى: قد يراد بالغار هنا الجيش والجمع، لا واحد الغيران التى هى الكهوف، فيوافق قوله: " فى بعض المشاهد ".

وقوله: يمشى ولا يعد شىء منه وهماً، وفى حديث على جمع بين هذين الغارين، أى الجمعين والعسكرين.

قال الإمام: ذكر مسلم فى حديث جندب بن صفوان في إبطاء جبريل بالوحى: عن إسحاق بن إبراهيم، عن ابن عيينة، عن الأسود، عن جندب. كذا إسناده عند الجلودى والكِسَائى، وكذا أخرجه الدمشقى من حديث مسلم. وفى نسخة ابن ماهان: نا أبو بكر ابن أبى شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعاً، عن ابن عيينة. زاد فى الإسناد: نا أبو بكر بن أبى شيبة قال. وقول المشركين: قد ودع محمد، فأنزل الله تعالى: {وَالضُّحَى. وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} إلى آخرها، قال الإمام: قال ابن عباس: {مَا وَدَّعَك}: ما قطعك منذ أرسلك، {وَمَا قَلَى}: ما أبغضك. وسمى الوداع وداعاً؛ لأنه فراق ومتاركة. وفى الحديث: " الحمد لله غير مودع ربى ولا مكفور " (٣): أى غير تارك طاعة ربى.

قال القاضى: هذه قراءة الجمهور مشددة، وقرأ بعضهم: " ما ودعك " مخففة. قال أبو عبيدة: من ودعه يدعه، معناه: ما تركك. وأهل النحو ينكرون أن يأتى منه ماض أو مصدر، وإنما جاء منه المستقبل والأمر لا غير عندهم، وكذلك " يذر ". وقد جاء الماضى والمستقبل منهما وفى مسلم: " لينتهين قوم عن ودعهم الجمعة " (٤)، وفى مسلم والبخارى: " من ودعه الناس لشره أو فحشه " (٥). وقال الشاعر:


(١) الضحى: ١ - ٣.
(٢) البخارى، ك الأدب، ب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ٨/ ٤٣.
(٣) الدارمى، ك الأطعمة، ب الدعاء بعد الفراغ من الطعام ٢/ ٢١.
(٤) مسلم، ك الجمعة، ب التغليظ فى ترك الجمعة برقم (٨٦٥) بلفظ: " الجمعات ".
(٥) البخارى، ك الأدب، ب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب ٨/ ٢٠، مسلم ك البر والصلة والآداب، ب مداراة من يتقى فحشه برقم (٢٥٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>