للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَثَرَة عَليْنَا، وَأَلا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلهُ. قَالَ: " إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ".

ــ

وقوله: " ولا ننازع الأمر أهله إلا أن يكون كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ": كذا رواية كافة شيوخنا هنا بالواو، أى جهاراً، ويفسره بقية الكلام.

يقال: باح الشىء يبوح: إذا ظهر واشتهر، وأباحه: جهر به، وعند ابن أبى جعفر وبعضهم: " براحاً " [بالراء، وهما بمعنى الراء لا ينافى سمعاً. يقال: برح الشىء وبرح الخفى: إذا بان وصفه. وقال ثابت: رواه النسائى: " بواحاً " وغيره: " براحاً "] (١)، قال: ولا معنى لقوله: " بُواحاً " إلا أن يكون " بوحاً " و " بووحاً "، من قولك: باح الشىء: إذا ظهر.

قال الإمام: لا يجوز الخروج على الإمام العدل باتفاق، فإذا فسق وجار؛ فإن كان فسقه كفراً وجب خلعه، وإن كان ما سواه من المعاصى فمذهب أهل السنة أنه لا يخلع، واحتجوا بظاهر الأحاديث وهى كثيرة؛ ولأنه قد يؤدى خلعه إلى إراقة الدماء وكشف الحريم، فيكون الضرر بذلك أشد من الضرر به. وعند المعتزلة أنه يخلع، وهذا فى إمام عُقد له على وجه يصح ثم فسق وجار، وأما المتغلبون على البلاد فالكلام فيهم يتسع، وليس هذا موضعه. والاستثناء بقوله: " إلا أن تروا كفراً بواحاً " يؤكد ما قلناه من التفرقة بين الكفر وغيره.

قال القاضى: لا خلاف بين المسلمين أنه لا تنعقد الإمامة للكافر، ولا تستديم له إذا طرأ عليه، وكذلك إذا ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها، وكذلك عقد جمهورهم البدعة. وذهب بعض البصريين إلى أنها تنعقد لها (٢) وتستديم على التأويل، فإذا طرأ مثل هذا على وال من كفر أو تغير شرع أو تأويل بدعة، خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته، ووجب على الناس القيام عليه وخلعه، ونصب إمام عدل أو والٍ مكانه إن أمكنهم ذلك،


(١) سقط من الأصل، والمثبت من س.
وقال الخطابى: معنى البواح: الصراح، من قولك: باح بالشىء يبوح بوحاً وبواحاً: إذا صرح به، يريد القول الذى لا يحتمل التأويل، فإن كان كذلك حل قتاله، وما دام يحتمل وجهاً من التأويل لم يجز ذلك، وهو معنى قوله: " عندكم في الله فيه برهان "، يريد نص آية أو توقيف لا يحتمل التأويل، كقوله عز وجل: {قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِكُمْ} [أى كتاب الله]. انظر: أعلام الحديث، ك الفتن ٤/ ٢٣٢٨.
وقال ابن حجر: أنكر ثابت فى الدلائل: " بواحاً "، وقال: إنما يجوز " بوْحاً " و " بُؤاحاً ". قال الخطابى: ما رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى، وأصل البراح: الأرض القفراء، وقيل: البراح: البيان، وقالوا: برح الخفى: إذا ظهر. قال: ووقع عند الطبرانى: " كفراً صراحاً "، وعند ابن حبان: " إلا أن يكون معصية لله بواحاً ". انظر: الفتح ١٣/ ١٠.
(٢) فى س: له.

<<  <  ج: ص:  >  >>