للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. فَقَالَ: إِنِّى رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ، فَأَفْتِنِى فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّى. فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّى. فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأَسِهِ. قَالَ: أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كُلُّ مُصَوِّرٍ فِى النَّارِ، يجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا، فَتُعَذِّبُهُ فِى جَهَنَّمَ ".

وَقَالَ: إِنْ كُنْتَ لابُدَّ فَاعِلاً، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لا نَفْسَ لَهُ. فَأَقَرَّ بِهِ نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ.

١٠٠ - (...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَعَلَ يُفْتِى وَلا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّى رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ. فَقالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ادْنَهْ. فَدَنَا الرَّجُلُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِى الْدُّنْيَا كُلِّفَ إِنْ يَنَفُخَ فِيهَا الرُّوْحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ ".

(...) حدَّثنا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَجُلاً أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِمِثْلِهِ.

ــ

وقوله: " من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ " وما جاء فى لعن المصورين: كل هذا يدل على تحريم صنعة الصور، وأنها من الكبائر، قيل: قوله: " من أشد الناس عذاباً " فى عمل ذلك على القصد لعبادتها ونحت الأصنام فهى فى الكفار؛ إذ لا يكون مذنب أشد عذاباً من كافر، وقيل: بل ذلك فيمن قصد المعنى الذى جاء فى الحديث من مضاهاة خلق الله واعتقد ذلك، فهو كافر بقصده، فله من أشد العذاب ما للكفار.

وأما من لم يضاه بذلك خلق الله ولا قصده ولا نواه، فليس يناله هذا الوعيد وإن كان مخطئاً فى فعله وعاصياً، وفى قوله: " يضاهون " دليل أن هذا مما له ظل وشكل قائم.

وقوله: " أحيوا ما خلقتم " وحتى ينفخ فيه الروح: دليل على أن هذا الوعيد فى المصور لما له روح، خلاف ما لا روح فيه من الثمار، فقد أجاز هذا العلماء، وأجازوا صنعته والتكسب به، إلا مجاهداً فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه ولم يقله غيره (١)،


(١) انظر: المفهم ٣/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>