للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٥ - (...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِىٍّ الْقَيْسِىُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبِى؟ قَالَ: " أَبُوكَ فُلاَنٌ "، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} تَمَامَ الآيَةِ.

١٣٦ - (...) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى لَهُمْ صَلاَةَ الظُّهْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبِرَ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ قَبْلَهَا أُمُورًا عِظَامًا. ثُمَّ قَالَ: " مَنْ أحَبَّ أَنْ يَسْأَلَنِى عَنْ شَىءٍ فَليَسْأَلْنِى عَنْهُ، فَوَاللهِ لاَ تَسْأَلُونَنِى عَنْ شَىءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ فِى مَقَامِى هَذَا ".

قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ الْبُكَاءَ حِينَ سَمِعُوا ذِلكَ مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْثَر رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولُ: " سَلُونِى "، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنَ حذَافةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِى يَا رسُولَ اللهِ؟ قَالَ. " أَبُوكَ حُذَافَةُ "، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يَقُول: " سَلُونِى " بَرَكَ عَمَرُ

ــ

نزلت الآية فى سؤالهم إياه عما عفا الله عنه من أمور الجاهلية، فحذرهم الله عقباها، والسؤال عما لا فائدة فيه، ولم ينزل بهم وما سكت عنهم، وقد كره السلف السؤال عما لم ينزل. وقيل: نهى عن السؤال فى الآية مما لم يذكر فى القرآن مما عفا الله عنه.

وأما قوله: " فنقر عنه ": أي بحث، وهى رواية الجمهور، ووجه الكلام. وعند السمرقندى: " فبعث عنه " بالباء، وهو متقارب المعنى. يقال: إنه لنقاب، أى عالم باحث عن الأشياء، قال الله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلاد} أى: جالوا فيها وبحثوا وتفرقوا {هَلْ مِن مَّحِيص} (١)، أى معدل. وفى رواية: " نفر " بالفاء والراء، وهو خطأ.

وقوله: " غطوا رؤوسهم ولهم خنين ": رويناه عن العذرى بالحاء المهملة، وعن غيره بالمعجمة وهو الصحيح في هذا الموضع. والخنين: بكاء له صوت. قال الخليل: الخنة: ضرب من الغنة. قال الأصمعى: إذا تردد بكاء الرجل فصار فى صوته غنة قيل: خنَّ. وقال أبو زيد: الخنين مثل الحنين وهو الشديد من البكاء، [وقد جاء فى بعض الروايات: " فأكثر الناس من البكاء "] (٢). قال ابن دريد: الخنين: تردد البكاء من الأنف، والحنين تردده من الصدر.


(١) ق: ٣٦.
(٢) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>