للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِى مَالِكٌ وَمَا مَالِكُ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِك، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارك، قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ.

ــ

أى: سترته بوقودها فى الغيطان، وبطون الأرض.

قال الإمام: وقول العاشرة: " زوجى مالك " الحديث، تقول: إنه لا يوجه إبله تسرح نهاراً إلا قليلاً ولكنهن يتركن بفنائه فإن نزل به ضيف لم تكن الإبك غائبة عنه، ولكنها بحضرته فيقريهم من ألبانها ولحومها. والمزهر: العود الذى يضرب به، أرادت: أن زوجها عود (١) إبله إذا نزل به الضيفان أن ينحر لهم ويسقيهم الشراب، ويأيتهم بالمعازف، فإذا سمعت الإبل ذلك الصوت علمن أنهن منحورات فذلك قولها: " أيقن أنهن هوالك ".

قال القاضى: المسارح: المراعى البعيدة، يقال: سرحت الإبل فسرحت اللازم والواقع واحد فعلت فيها، قال الله تعالى: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (٢). قال بعضهم فى معنى قولها: " كثيرات المبارك، قليلات المسارح ": أنها كثيرة فى حال بروكها، قليلة إذا سرحت لكثرة ما تسار فتحلب ثم تعزل (٣)، فلكثرة (٤) ما يفعل ذلك بها كثرت مباركها، وهى " قليلات المسارح "؛ لقلتها فى ذاتها، وقيل: بل مباركها كثيرة ما ينحر منها للأضياف. قال: ولو كان كما تقدم لماتت هزالاً، وقيل: بل معناها: " كثيرة المبارك ": أى مباركها فى الحقوق والعطايا والحملان والأضياف كثيرة. ومراعيها قليلة، أى أنها تكثر فى مباركها بمن ينتابها من الضيفان [والمعمقين] (٥). وإلى هذا ذهب يعقوب بن السكيت واحتج عليه بقول عروة بن الورد:

بريح على الليل قربان ماجد ... كريم ومالى سارحا مال معسر

قال: تقول: إذا راحت بالعشى راح فيها الضيفان، وإذا سرحت كانت قليلة؛ لأنه لا أحد فيها منهم يكثر سوادها، ونحوه لابن الأنبارى.

وذهب أبو سعيد النيسابورى فى قولها: " إذا سمعن صوت مزهر " أنه مزهر النار للأضياف، أى موقدها، ويكون بضم الميم، تريد صوت معمعة النار فى وقيدها به للضيفان. قال: ولم تكن العرب تعرف المزهر الذى هو العود، إلا من خالط الحضر


(١) فى ز، ح: قد عود.
(٢) النحل: ٦.
(٣) فى ح تترك.
(٤) فى ز: فكثرت، والمثبت من ح.
(٥) هكذا فى ز وغير مقروءة فى ح، وفى الأبى: والمعتفين. والعتف: النتف. يقال: مضى عِتف من الليل وعدق من الليل، أى قطعة. راجع كلمة " عتف " فى اللسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>