قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِى أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبْو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِىٍّ أُذُنَىَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمِ عَضُدَىَّ، وَبَجَّحَنِى فَبَجَحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى، وَجَدَنِى فِى أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ،
ــ
منهم، ولم يقل: " سامع " أنه لم يروه أحد بضم الميم، وقد جاء ذكر المزهر والعود والكيران (١) فى أشعار العرب كثير. ومن يقول: إن هؤلاء النسوة من غير أهل الحضر، فكيف وفى بعض الروايات: أنهن من قرية من قرى اليمن، فهؤلاء أهل حاضرة.
وقول " الحادية عشرة " كذا فى رواية بعض شيوخنا، وهو ضبط الجيانى، وعند السجزى: " الحادية عشر " بغيرها، وعند العذرى والسمرقندى: " الحادى عشرة "، ووجه الكلام والمعروف والصحيح الرواية الأولى. وفى الشين وجهان: الإسكان والكسر (٢). والكلمتان مفتوحتان الآخر؛ لأنهما كالكلمة الواحدة [كحضرمرت] (٣). واختلف أهل العربية إذا لم تدخل عليها الألف واللام، فأجاز بعضهم أحد الإعراب فى الكلمة الأولى وأباه سيبويه.
قال الإمام: قال أبو عبيد: قول الحادية عشر: " أناس من حلى أُذنى ": تريد حلانى قرطة وشنوفا فهى تنوس بأذنى، والنوس: الحركة من كل شىء متدل، يقال منه: ناس ينوس نوساً وأناسه غيره أناس. قال ابن الكلبى: إنما سمى ملك اليمن [دانواس] (٤) لضفيرتين كانتا له تنوسان على عاتقه.
وقولها: " وملأ من شحم عضدى ": لم ترد العضد خاصة، إنما أرادت الجسد كله، تقول: إنه أسمننى بإحسانه إلى، فإذا سمن العضد سمن سائر الجسد.
وقولها: " وبجحَنى فبجحت ": أى فرحنى ففرحت. وقال ابن الأنبارى: معناه: عظمنى فعظمت عند نفسى، يقال: فلان يتبجح بكذا، أى يتعظم ويترفع ويفتخر.
[قال] (٥): ومنه قول الشاعر:
وما الفقر من أرض العشيرة ساقنا ... إليك ولكنا بقرباك نبجح
أى نفخر ونعظم بقرابنا منك.
قال أبو عبيد: وقولها: " وجدنى فى أهل غنيمة بشق ": يعنى أن أهلها كانوا أصحاب غنم ليسوا بأصحاب خيل ولا إبل؛ لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات
(١) فى الأبى: الطيران.
(٢) فى ز: والفتح، والمثبت من الأبى، ح.
(٣) فى ز جاءت الكلمتان مضروباً عليهما.
(٤) هكذا فى ز، وفى الأبى: ذا نواس، كذا فى ح أيضاً.
(٥) هكذا فى الأصل، وفى هامش ح.