للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُمَّ، اغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِه مِنِّى، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ".

(...) وَحَدَّثْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِسْمَعِىُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ.

٧١ - (٢٧٢٠) حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ الْقُطَعِىُّ، عَنْ عبْدِ الْعَزِيزِ بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اللهُمَّ، أَصْلِحْ لِى دِينِى

ــ

أنه مغفور له ما تقدم وما تأخر، ومثله قوله: " اغفر لى ما قدمت وما أخرت ". وقيل: يحتمل على ما كان منه على سهو وغفلة، وقد يحتمل: ما تقدم وأخّر مما مضى، ويحتمل أن يريد بقوله: " خطئى وجهلى، وإسرافى " ما كان قبل النبوة، وقد يحتمل أن يقال فيه ما قيل فى قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (١)؛ أن المتقدم ذنب أبيه آدم، والمتأخر ذنوب أمته.

وقوله: " أنت المقدم وأنت المؤخر ": قيل: معناه: المنزل للأشياء منازلها، يقدم منها ما شاء من مخلوقاته ويؤخر، وقدم من شاء من عباده بتوفيقه، وأخر من شاء بخذلانه.

وقوله: " لك أسلمت، وبك آمنت ": أى لك انقدت وأطعت، وبك صدقت. وظاهر هذا التفريق بين الإسلام والإيمان، وقد تقدم الكلام فيه فى أول الكتاب.

وقوله: " وإليك أنبت ": أى تبت ورجعت بهمتى وطاعتى، وانصرفت عن الالتفات إلى غيرك وعن مخالفتك. والإنابة: الرجوع.

وقوله: " بك خاصمت ": قيل: يحتمل من خاصمه فيه وحاكمه بلسان أو سيف، قال الله تعالى: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَق} (٢) وقال: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} (٣)، وما جاء فى هذه الأدعية مما هو على سجع يحتج به فى إجازة السجع فى الدعاء والذكر وأن ما كره منه ما جاء بتكلف وشغل بين بطلبه؛ لأن الشغل به يذهب الإخلاص والخشوع، ويلهى عن الضراعة وفراغ القلب، أو على ما يأتى من نوع سجع الكهان الذى ذمه - عليه السلام. وأما ما جاء من نمط كلامه السهل البليغ المستعذب الذى يلقيه الطبع، فهو مستحسن غير مذموم، كقوله: " رب آتِ نفسى تقواها وزكها، وأنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها ".


(١) الفتح: ٢.
(٢) غافر: ٥.
(٣) العنكبوت: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>