للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَلِمَتَهُ. فَيَأتُونَ عِيسَى رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتَهُ. فَيَقُولُ: لسْتُ هُنَاكُمْ، وَلكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا قَدْ غُفِرَ لهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَيَأتُونِى، فَأَسْتَأذِنُ عَلى رَبِّى فَيُؤَذَنُ لِى، فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللهُ. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأسَكَ، قُل تُسْمَعْ، سَل تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِتَحْمِيدٍ يُعَلمُنِيهِ رَبِّى، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِى مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِى ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأسَكَ يَا مُحَمَّدُ، قُل تُسْمَعْ، سَل تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأسِى، فَأَحْمَدُ رَبِّى بِتَحْمِيدٍ يُعَلمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِى حَدًّا فَأُخْرِجُهُم مِنَ النَّارِ، وأُدْخِلهُمُ الجَنَّةَ - قَالَ: فَلا أَدْرِى فِى الثَّالثَةِ أَوْ فِى الرَّابِعَةِ قَالَ - فَأَقُولُ: يَا ربِّ، مَا بَقِىَ فِى النَّارِ إِلا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ أَىْ وَجَبَ عَليْهِ الخُلودُ " قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ فِى رِوَايَتِهِ: قَالَ قَتَادَةُ: أَىْ وَجَبَ عَليْهِ الخُلودُ.

ــ

إذ منزعُهُم فيه هو منزعٌ آخر من التكفير بالصغير، ونحن نتبرَّأ إلى الله من هذا المذهب. وانظر هذه الخطايا التى ذكرت للأنبياء من أكل آدم من شجرة نهى عنها ناسياً، ومن دعوة نوح على قوم كفار، وقتل موسى لكافِرٍ لم يؤمر بقتله، ومدافعة إبراهيم الكفار بقول عَرَّض به هو فيه من وجه صادق، وهذه كلها فى حق غيرهم ليست بذنوب، لكنهم أشفقوا منها إذ لم يكن عن أمر الله وعَتَبَ على بعضهم فيها بقدر منزلتهم من معرفة الله، وانظر هناك تجد منه مزيداً وشرْحاً إن شاء الله.

وقوله عن نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحديث: " ايتوا محمداً عبداً غُفِرَ له ما تَقَدَّم من ذنبه وما تأخر ": اختلفوا (١) فى معنى هذا فى قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَّكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر} (٢): فقيل: ما كان قبلَ النبوة، والمتأخر عصمك بعدها، وقيل: المراد به ذنوب أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل: المراد ما وقع منه عن سهوٍ وغفلةٍ وتأويل، حكاه الطبرى واختاره القشيرى، وقيل: ما تقدم لأبيك آدم وما تأخر من ذنوب أمتك، وقيل: المراد أنك مغفور لك غير مؤاخذٍ بذنب أن لو كان، وقيل: هو تنزيه له من الذنوب.

وقوله [عن آدم] (٣): " ايتوا نوحاً فهو أول رسول بعثه الله "، قال الإمام: قد ذكر المؤرخون أن إدريس جدُّ نوح - عليهما السلام - فإن قام الدليل على أن إدريس بعث أيضاً لم يصح قول النسابين: أنه قبل نوح؛ لما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قول آدم: إن نوحاً أول رسول بُعثَ، وإن لم يقم دليلٌ جاز ما قالوا، وصح أن يُحمل أن إدريس كان نبياً غير مرسل قال القاضى: قد يُجمعُ بين هذا بأن يُقال: اختص بعثُ نوحٍ لأهل الأرض، كما


(١) فى ق: اختلف.
(٢) الفتح: ٢.
(٣) سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>