للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنِّى أرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ، حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخِرَاءَةَ. فَقَالَ: أجَلْ، إنَّهُ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِىَ أحَدُنَا بِيَمِينِهِ، أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالْعِظَامِ، وَقَالَ: " لا يَسْتَنْجِى أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ ".

ــ

ذلك للتعليم والأمن (١) من الاطلاع على ما لا يجب الاطلاع عليه، إذ مقصده الاطلاع على توجه وجهه حين جلوسه ورؤية ظاهره لا غير ذلك؛ ليستدل منه على مراده، وقول أبى أيوب عنها: " ونستغفر الله "، قيل: لعله لم يبلغه حديث ابن عمر.

وقوله آخر الحديث: " قال: نعم " هو جواب سفيان ليحيى بن يحيى عن قوله: سمعتُ الزهرى يذكر عن عطاء، على مذهب من يرى التقرير في العرض والقراءة على المُحِّدِثِ، وفى قول أبى أيوب أخذه بالعموم والقول بهِ.

وقوله: " وأن يستنجى بيمينه " وفى حديث آخر: " يتمسَّح بيمينه " وفى آخر: " أن يستطيب بيمينه " وكله بمعنى واحدٍ سواء بالماء أو الحجارة، فهو استنجاء لأنه إزالة النجوس، أو تفسيره [من] (٢) قولهم: نجوت العود إذا قشرته، وكذلك معنى التمسُّح وكذلك الاستجمار، وقد تقدَّم وكذلك الاستطابة؛ لأنه يطبب الموضع بفعْله ويذهب عنه القذَرَ، وفى حديث آخر: النهى عن مس الذكر باليمين.

قال الإمام: فينبغى لمن أراد أن يستجمر من البول أن يأخذ ذكره بشماله ثم يمسح به حجراً ليسلم على مقتضى الحديثين. قال القاضى: أَمَّا من أمكنه حجرٌ ثابتٌ يتمسَّح به وأمكنه الاسترخاء حتى يتمسح بالأرض أو ما يمكنه التمسح به من ثابتٍ طاهرٍ جامد فنعم، ولكنه قد لا يتهَّيأ له ذلك ولا يمكنه فى كل وقتٍ، وإذا كان هذا ودعت ضرورة إلى الاستعانة باليمين، فأولى ذلك أن يأخذ ذكره بشماله، ثم يأخذ الحجر أو الخرقة أو العود أو ما يتمسَّح به بيمينه، فيمسكه أمامه، ويتناول بالشمال تحريك رأس ذكره، ويمسحه بذلك دون أن يستعمل اليمين فى غير الإمساك، فلا يكون ماسًا ذكره بيمينه ولا مستنجيًا بها. وقد ذكر الخطابى وجهًا آخر، وهو أن يجلس على الأرض ويمسك برجليه الشىء الذى يتمسَّح به ويتناول إمساك الذكر بشماله (٣)، وهذا - أيضًا - لا يتهيأ فى كل موضعٍ ولا لكل بائل، والأولى فيه ما ذكرناه وهو يتهيأ على كل حال، وقد يتساهل الناس في التمسح بالحيطان، وهو مما لا يجب فعله لتنجيسها، ولأن للناس ضرائر فى الانضمام إليها لا سيما عند نزول الأمطار وبلل الثياب، ولا يجب - أيضاً - فى حيطان المراحيض لهذا؛


(١) فى الأصل: والأول.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) معالم السنن ١/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>