للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْرَأ بِهَا فِى نَفْسِكَ، فَإِنَّى سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاة

ــ

الشافعى فيمن نسى القراءة فى صلاته كلها، يجزيه ويُعذر بالنسيان على ما روى عن عمر ولم يصح عنه (١)، وقد أنكره مالك وقال: كيف يصح [وخلفه أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٢) لا يذكرونه بذلك؟ وقيل: معنى ما روى عنه من ترك القراءة ترك جهره بها، وقيل: ذلك كان فى بعض صلاته لا فى جميعها، إذ يبعد [إطباقه] (٣) على تركها فى جميع الصلاة [وإطباق] (٤) من خلفه على ترك تنبيهه، وروى أن عمر أعاد (٥)، ثم رجع الشافعى عن هذا، وقال أبو حنيفة: يجزئ أن يقرأ من القرآن آيةً، وقال أصحابه: ثلاثًا أو آيةً طويلة (٦)، وقال الطبرى: سبع آيات بقدر أم القرآن من آيها وحروفها (٧)، وذهب أبو حنيفة إلى أن القراءة فى الركعتين الأخيرتين لا تجب، وقاله الثورى والأوزاعى (٨)، وخالفهم الجمهور فأوجبوها على اختلاف مذاهبهم فيما تقدم، وحكى ابن الموَّان عن أبى سلمة وربيعة وعلى بن أبى طالب أن القراءة فى الصلاة ليست من فروضها (٩)، وإليه ذهب محمد بن أبى صفرة وتأوله على بعض روايات كتاب محمد (١٠)، وحكى الداودى عن على وابن أبى سلمة وطائفة أن فرض القراءة مع الذكر، وأما الناسى فيجزؤه القيام والركوع والسجود على حديث عمر.

وقوله: " قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ... " الحديث، وذكر قراءة أم


(١) الأم ١/ ١٠٩، قال أبو عمر: أظن قول الشافعى القديم دخلت الشبهة فيه عليه بما روى عن عمر أنه صلى المغرب فلم يقرأ فيها، فذكر ذلك له، فقال: كيف الركوع والسجود؟ قيل: حسنٌ. قال: لا بأس إذن. قال أبو عمر: وهذا حديثٌ منكر، وقد ذكره مالك فى الموطأ، وهو عند بعض رواته، ليس عند يحيى وطائفة معه، لأنه رماه مالك من كتابه بأخرَةٍ وقال: ليس عليه العملُ؛ لأن النبى - عليه السلام - قال: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج ". الاستذكار ٤/ ١٤٢.
(٢) الذى فى الأصل: وخالفه أصحاب محمد. والعبارة بذلك موهمة، فوق أنها غير واضحة، والمثبت من ت.
(٣) و (٤) فى الأصل: إصفاقه، والمثبت من ت.
(٥) أخرجه عبد الرزاق فى مصنفه عن عبد الله بن حنظلة ٢/ ١٢٣، كما أخرجه البيهقى عن همام بن الحارث فى السنن الكبرى ٢/ ٣٨٢.
(٦) هذا هو قول الصاحبين.
(٧) الاستذكار ٤/ ١٤٦.
(٨) وقال الثورى: يقرأ فى الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، ويسبِّح فى الأخرتين، وهو قول أبى حنيفة وسائر الكوفيين. الاستذكار ٤/ ١٤٥.
(٩) وحجتهم فى ذلك حديث زيد بن ثابت: " القراءة سنة ".
قال البيهقى: وإنما أراد قراءة القرآن التى أثبتت فى المصحف الذى هو إمام سنة متبعة لا يجوز مخالفتها، وإن كان غيرها سائغًا فى اللغة. معرفة السنن ٣/ ٣٢٩، وانظر: السنن الكبرى ٢/ ٣٨٥.
(١٠) قال أبو عمر: ورواه أهل الكوفة عن على، وروى عنه أهل المدينة خلاف ذلك. السابق ٤/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>