للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ... " الحديث] (١)، قال الإمام: [قوله: " اقرأ ما تيسر معك من القرآن "] (٢) تعلق به أصحاب أبى حنيفةَ في أن القرآن (٣) لا يتعيَّن، ولا تجب قراءة أم القرآن بعينها؛ لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاله على ما تيسر، وظاهر هذا إسقاط تعيين [قراءة] (٤) أم القرآن، ومن أوجب قراءتها يرى هذه الإحالة إنما وقعت على ما زاد على أمِّ القرآن، فإن ذلك لا يتعين إجماعًا، ويُستَدل على ذلك بالأحاديث الدالة على وجوب قراءةِ أم القرآن.

قال القاضى: احتج أئمتنا والشافعى بقوله هذا: أن تكبيرة الإحرام من الصلاة (٥) خلافًا للكرخى فى قوله: ليس من الصلاة (٦)، وجعلوا قوله - عليه السلام -: " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " تفسير لمجمل قوله: " اقرأ بما تيسر معك من القرآن "، وقد ذكر أبو داود في بعض روايات هذا الحديث: " فكبر ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأه " (٧) فرفع الإشكال.

قال الإمام: وقوله: " ثم اركع حتى تطمئن راكعاً " وقال مثله في السجود، فعندنا قولان في ذلك، أحدهما: نفى إيجاب الطمأنينة تعلقًا بقوله: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (٨)،


(١) و (٢) من المعلم.
(٣) فى المعلم: القراءة.
(٤) من المعلم.
(٥) وكذا أبو حنيفة وأصحابه. والحجة لهم حديث أبى هريرة السابق: " إذا أردت الصلاة فأسبغ الوضوء، واستقبل القبلة، ثم كبِّر .... " الحديث، فعلَّمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان من الصلاة واجبًا وسكت له عن كل ما كان منه مسنونًا ومُسْتحبًا، مع قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما أخرجه أبو داود والترمذى وأحمد عن على بن أبى طالب وأبى سعيد الخدرى -: " تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم "، قال الترمذى: هذا الحديث أصح شىء فى هذا الباب وأحسن ١/ ٨.
قال أبو عمر: وقال عبد الرحمن بن مهدى: لو افتتح الرجلُ الصلاة بسبعين اسمًا من أسماء الله ولم يكبِّر تكبيرة الإحرام لم يُجزه، وإن أحدَثَ قبل أن يسلِّم لم يجزه.
قال: وهذا تصحيحٌ من عبد الرحمن بن مهدى لحديث: " تحريمها التكبير " وتديُّن منه به، وهو إمام في علم الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه، وحسبُك به. الاستذكار ٤/ ١٢٦.
(٦) وكذا نقل عن الزهرى والأوزاعى وطائفة. السابق.
وروى عن الحكم بن عتبة أنه إذا ذكر الله مكان التكبير أجزأه. وقال أبو حنيفة: إن افتتح بلا إله إِلا الله يجزيه، وإن قال: اللهم اغفر لى لم يجزه. ولا يجزى عند مالك إِلا: الله أكبر، لا غير، وكذا قال الشافعى وزاد: ويجزى الله الأكبر، ولا يجزى عند المالكيين: الله الأكبر، وقال أصحاب مالك والشافعى وأصحابه وأبو يوسف ومحمد بن الحسن، من أحسن العربية لم يجزه أن يكبِّر بالفارسية، خلافًا لأبى حنيفة. راجع: الاستذكار ٤/ ١٣٢.
(٧) أبو داود في الصلاة، ب صلاة من لا يقيم صُلبه في الركوع والسجود، من حديث رفاعة بن رافع، ولفظه: " وبما شاء الله أن تقرأ " ١/ ١٩٨.
(٨) الحج: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>