للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقَعُ فِى أَسَانِيدِهَا بَعْضُ مَنْ لَيْسَ بِالمَوْصُوفِ بِالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ، كَالصِّنْفِ المُقَدَّمِ قَبْلَهُمْ، عَلَى أَنَّهُمْ، وَإِنْ كَانُوا فِيمَا وَصَفْنَا دُونَهُمْ، فَإِنَّ اسْمَ السَّتْرِ وَالصِّدِقِ وَتَعَاطِى العِلْمِ يَشْمَلُهُمْ، كَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِى زِيَادٍ، وَلَيْثُ بْنِ أَبِى سُلَيْمٍ، وَأَضْرَابِهِمْ، مِنْ حُمَّالِ الآثَارِ وَنُقَّالِ الأَخْبَارِ.

فَهُمْ وَإِنْ كَانُوا بِمَا وَصَفْنَا مِنَ العِلْمِ وَالسَّتْرِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مَعْرُوفِينَ، فَغَيْرُهُمْ مِنْ أَقْرَانِهِمْ مِمَّنْ عِنْدَهُمْ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الإِتْقَانِ وَالاسْتِقَامَةِ فِى الرِّوَايَةِ يَفْضُلُونَهُمْ فِى الحَالِ، وَالمَرْتَبَةِ، لأَنَّ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ دَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ وَخَصْلَةٌ سَنِيَّةٌ.

أَلا تَرَى أَنَّكَ إِذَا وَازَنْتَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَة الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ، عَطَاءً وَيَزِيدَ وَليْثًا، بِمَنْصُورٍ ابْنِ المُعْتَمِرِ وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى خَالِدٍ، فِى إِتْقَانِ الحَدِيثِ وَالاِسْتِقَامَةِ

ــ

قال الإمام أبو عبد الله: معناه: اطَّلَع، من قول الله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} (١)، يقال: عَثُرْتُ منه على خيانة، أى اطلعتُ، وأعْثَرتُ غَيْرِى، أى: أطلعته، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِم} (٢)، أى أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمن.

قال: وذكر مسلم قوماً مشهورين بالعدل والضبط كمالك وابن عيينة وذكر [أن] (٣) قوماً لا يبلغون إلى رتبتهم فى ذلك [وإن] (٤) لم يخرجوا عن كونهم عدولاً مثل عطاء بن السائب ويزيد بن أبى زياد وليث بن أبى سليم (٥).

قال القاضى: رأيت بعض المعقبين قد تتبَّع عليه ما حكاه عن مسلم [هذا] (٦) مما ليس قول مسلم، فإن مسلماً لم يذكر فى هذا الفصل مالكاً ولا ابن عُيينة، وإنما ذكر فى القسم الأول أهل الإتقان والاستقامة، وذكر بعدهم صنفاً آخر ذكر أنهم ليسوا موصوفين بالحفظ والإتقان كالصنف الأول، قال: وإن [كانت ذواتُهم] (٧) فيما وصفنا، فاسم الستر [والصدق] (٨) وتعاطى العلم يشملهم (٩) كعطاء بن السائب (١٠) ويزيد بن أبى


(١) المائدة: ١٠٧.
(٢) الكهف: ٢١.
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) من ت، واستدركت فى الأصل بالهامش.
(٥) المعلم ٢/ أ.
(٦) ساقطة من ت.
(٧) فى الأصل: كاينا ذوقهم، وفى ت: وإن كانوا فوَئُهمْ، وما أثبتنا هو مما نرى أنه المقصود والأليق بالعبارة.
(٨) ساقطة من الأصل.
(٩) فى ت: شملهم.
(١٠) هو الإمام الحافظ، محدث الكوفة، كان من كبار العلماء، لكنه ساء حفظه قليلاً فى أواخر عمره. روى عن أنس بن مالك- ولم يثبت أنه سمع منه- وعبد الله بن أبى أوفى وخلق كثير. حدث عنه إسماعيل بن أبى خالد- وهو من طبقته- والثورى، وابن جريج، قال على بن المدينى عن يحيى بن سعيد قال: ما سمعت أحداً يقولُ فى عطاء بن السائب شيئاً قط فى حديثه القديم، وما حدث سفيان وشعبةُ عنه صحيح، إلا حديثين، كان شعبة يقول: سمعتهما بآخرة عن زاذان.
وقال أحمد بن حنبل: عطاء ثقة ثقة، رجل صالح، من سمع منه قديماً كان صحيحاً، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشىء، مات رحمه الله سنة ست وثلاثين ومائة. الطبقات الكبرى ٦/ ٣٣٨، التاريخ الكبير =

<<  <  ج: ص:  >  >>