للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلةِ بعض الاسم، وبعضُ الاسم مبنيّ؛ لأنّ بعض الاسم لا يُوضَع للدلالة على المعنى. وبُنيت على السكون على أصل البناء على ما تقدم.

فـ "إذْ" تُوضح بالمبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، فمثالُ المبتدأ والخبر قولُك: "جئتُك إذ زيدٌ قائم"، ومثال الفعل والفاعل قولك: "جئتُك إذ قام زيدٌ"، و"إذ يقوم زيد". وإذا كان الفعل مضارعًا؛ حسن تقديمهُ وتأخيرهُ، نحوُ: "جئتُك إذ يقوم زيد"، و"إذ زيد يقوم". وإذا كان ماضيًا، لم يحسن تأخيرُه، لا يكادون يقولون: "إذ زيد قام"، وذلك لأنّ "إذْ" ظرفُ زمان ماض، فإذا كان معك فعلٌ ماض، استحبوا إيلاءه إياه لتشاكُلِ معناهما، وما بعد "إذْ" في موضعِ خفض بإضافةِ "إذْ" إليه، إذ كانت زمانًا، والزمانُ يضاف إلى الجُمل، نحوَ: "جئتُك زمانَ زيد أمير، وزمنَ قام زيدٌ، وزمنَ يقوم زيد".

وأما "إذَا"، فهي اسمٌ من أسماء الزمان أيضًا، ومعناها المستقبَل، وهي مبنيةٌ لإبهامها في المستقبل، وافتقارِها إلى جملةٍ بعدها، تُوضِحها وتُبينها كما كانت الموصولات كذلك، على ما ذكرنا في "إذْ"، مضافَا ذلك إلى ما فيها من معنى الشرط، فبُنيت كبناء أدوات الشرط، وسكن آخِرُها؛ لأنّه لم يلتقِ فيه ساكنان. ولِما تضمنتْه من معنى الجزاء، لم يقع بعدها إلَّا الفعلُ، نحوُ: "آتيك إذا احمر البُسْرُ، وإذا يقوم زيدٌ".

فأمّا قول الله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} (١) فشاهد على جوازِ وقوعِ كلّ واحد من المضارع والماضي بعدها، فإذا وقع الاسمُ بعدها مرفوعا، فعلى تقدير فعلِ قبله؛ لأنّه لا يقع بعدها المبتدأ والخبر، لِما تضمنته من الشرط والجزاء. والشرطُ والجزاء مختصان بالأفعال، وذلك نحوُ قوله، وهو جَحْدَرُ بن ضبَيْعَةَ جاهلى [من الرجز]:

إذا الرجالُ بالرجالِ الْتَفتِ

وبعده:

أمُخْدَج في الحَرْب أمْ أتَمَّتِ

ويروى:

إذا الكُماةُ بالكُماة التفتِ

و:

إذا العَوالي بالعوالي التفتِ

والمُخدَج: الولدُ يولَد ناقصًا، وإن تمت أيّامُ حَمْله، كأنه قال: "إذا التفّت الرجالُ بالرجال التفت"، ومثله قوله [من الطويل]:

إذا ابنُ أبي مُوسَى بِلالًا بَلَغْتِهِ ... فقامَ بفَأسٍ بين وَصلَيْكِ جازِرُ (٢)


(١) الليل: ١ - ٢.
(٢) تقدم بالرقم ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>