للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذهب إلى أنّ "الكليب" ونحوه اسمٌ للجمع كـ"الجامِل" (١)، و"الباقِر" (٢)، وكذلك "فِقَعَةٌ"، و"قِعَبَةٌ"، وليس بجمع مكسَّر. فعلى هذا، لو صُغّر، لصُغّر على لفظه، ولم يُردّ إلى الواحد. وذهب الأخفش إلى أن ذلك كلّه تكسيرٌ وإن قَلَّ استعمالُه. وقال قومٌ: "فِعَلَة" وبابُه مقصورٌ من "فِعالَة"، فالأصلُ في "فِقَعَةٍ": "فِقاعَةٌ" كـ"حِجارَةٍ"، فاعرفه.

فأمّا "فَعَلٌ" بفتح الفاء والعين، فالقياسُ أن يأتي في القلّة على "أفْعالٍ" كـ"جَمَلٍ"، و"أجْمالٍ"، وفي الكثير "فِعالٌ" و"فُعُولٌ"، نحوُ: "جِبالٍ"، و"جِمُالٍ"، و"أُسُودٍ"، و"ذُكُورٍ". و"فِعالٌ" في هذا الباب أكثرُ من "فُعُولٍ". وقد جاء على غير المنهاج المذكور، قالوا في القليل: "زَمَنٌ"، و"أزْمُنٌ"، قال ذو الرُّمّة [من الطويل]:

٧١٥ - أمَنْزِلَتَيّ مَيٍّ سلامٌ عَلَيكُما ... هَلِ الأزْمُنُ اللاتي مَضَيْنَ رَواجِعُ

وحكى سيبويه (٣): "جَبَلٌ"، و"أَجْبُلٌ". وقالوا في المعتلّ: "عَصَا"، و"أعْصٍ" كـ"أدْلٍ"، و"أحْقٍ"، وذلك من حيث كان "الزَّمَنُ" دَهْرًا، و"الجَبَلُ" تَلاًّ، فحملوه على معناه.

وفي الجملة إن الأسماء الثلاثيّة لمّا اشتركت في عدّة واحدة، وأصلٍ واحد؛ جاز أن يُشبَّه بعضُها ببعضٍ، فيدخل كلُّ واحد منها على الآخر، ولُزومُ "فَعَلٍ" مفتوحَ العين لـ"أَفعَل"، وبناؤه عليه أكثرُ من لزوم "فَعْلٍ" ساكنَ العين لـ"أَفْعل"، وذلك لخفّة "فَعْلٍ" وكثرتِه تَوسّعوا فيه أكثرَ من توسّعهم في "فَعَلٍ". ولذلك كان الشاذُّ في جمع "فَعَلٍ" أقلَّ


(١) الجامِل: الجِمال، وقيل. القطيع من الإبل معها رعيانها وأربابها. (لسان العرب ١١/ ١٢٤ (جمل)).
(٢) الباقر: جماعة البقر مع رعاتها. (لسان العرب ٤/ ٧٣ (بقر)).
٧١٥ - التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص ١٢٧٣؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٦٢٠؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٦٣؛ ولسان العرب ١١/ ٦٥٨ (نزل)؛ واللمع في العربية ص ٢٤٨؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٣٥٢؛ والمقتضب ٢/ ١٧٦.
المعنى: يخاطب الشاعر منازل محبوبته مية ويسائلها: هل ستعود تلك الأيام الجميلة التي قضيناها معًا؟
الإعراب: "أمنزلتي": الهمزة: للنداء القريب، "منزلتي": منادى مضاف منصوب بالياء لأنه مثنى. "مي": مضاف إليه مجرور. "سلام": مبتدأ مرفوع بالضمة. "عليكما": "على": حرف جر، الكاف: ضمير متصل في محل جر بحرف الجر، و"ما": للتثنية، والجار والمجرور متعلقان بخبر المبتدأ المحذوف تقديره: كائن "هل": حرف استفهام، لا محل لها من الإعراب. "الأزمن": مبتدأ مرفوع بالضمة. "اللاتي": اسم موصول في محل رفع صفة. "مضين": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، والنون: ضمير متصل في محل رفع فاعل. "رواجع": خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
وجملة "سلام عليكما": استئنافية ويجوز أن تكون اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "الأزمن رواجع": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب، وجملة "أمنزلتي" ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "هل الأزمن" حيث جمع "زمن" على "أزمن" وهو قليل.
(٣) الكتاب ٣/ ٥٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>