للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"رِيح خَرِيق"، أي: باردةٌ شديدةُ الهُبُوب. قال الشاعر [من الوافر]:

٧٥٣ - كأن هُبُوبها خَفَقانُ رِيح ... خَرِيقٍ بين أَعْلام طِوالِ

و"كَتِيبَةْ خَصِيفٌ"، فأما قولهم: "رَكُوبَة"، و"حَلُوبَةٌ"، فالتأنيث فيه للمبالغة والتكثير كـ "نَسابةٍ"، ومن قال: "عَدُوَّةٌ" لم يمتنع عنده جمعُه بالألف والتاء، ومذكره بالواو والنون.

الثالث "فُعَلاء"، وهو قليل، قالوا: "وَدُودٌ"، و"وُدَداءٌ"، شبهوه بـ "فَعِيلٍ"، إذ كان مثله في العدة، والواو أختُ الياء، ولذلك يتفقان في الرِّدْف. وفيه شذوذ من وجهَين:

أحدهما أن "فَعُولًا" لا يجمع على "فُعَلاء"، إنما بابُه "فَعِيلٌ" كـ "كَرِيمٍ"، و"كرمَاءَ"، فهو في "فَعُول" شاذّ.

الثاني إنه إنما جاء هذا البناء في الجمع على التشبيه بـ "فَعِيلٍ"، فلا يكون هذا البناء في المضاعف من "فَعِيلٍ"، فلا يقال: "شَدِيدٌ"، و"شُدَداءٌ"، و"جَلِيلٌ"، و"جُلَلاء"، فهو في "فَعولٍ" المشبه به أشد امتناعًا، فكان فيه شاذًّا. وإنما سوّغ ذلك خروجُه عن بابه، وشذوذُه، فأُجري عليه بما ليس له، وقد شبّهه سيبويه (١) بـ "خُششاء" في الواحد يريد أنهم احتملوا التضعيف في "وُدَداء" كما احتملوه في "خُشَشَاء"، و"الخششاء": العظم الناتىء خَلفُ الأُذن، وهما خشَشاوان. وربما ادغم، فقيل: "خُشاء"، ونظيرُه "قُوباء" بالسكون، وهما حرفان نادران، فأما "فَعَالٌ" بفتح الفاء فهو كـ "فَعُولٍ"، يجمع على "فُعُلٍ" و"فعْلٍ" في المعتل.

وقد جاء فيه أيضًا "فُعَلاء"، فكان له ثلاثةُ أبنية في الجمع. فالأولُ "فُعُلٌ"، قالوا: "امرأةٌ صَناعٌ وصنُعٌ" و"جَماد وجمدٌ"، كما قالوا: "صَبُورٌ وصُبُرٌ". والصناعُ: المرأة


٧٥٣ - التخريج: البيت للأعلم الهذلي في لسان العرب ١٠/ ٧٤ (خرق)؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ٢٧٢؛ ولسان العرب ١٠/ ٨٠ (خفق)؛ ومجالس ثعلب ص ٥٤٦.
اللغة والمعنى: الخريق: الريح الباردة الشديدة الهبوب. الأعلام: جمع علم وهو الجبل. شبه حركتها بحركة ريح شديدة بين جبال عالية.
الإعراب: "كأن": حرف مشبه بالفعل. "هبوبها": اسم "كأن" منصوب بالفتحة، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ جر مضاف إليه. "خفقان": خبر "كأن" مرفوع بالضمة، وهو مضاف. "ريح": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "خريق": نعت لريح مجرور بالكسرة. "بين": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة، متعلق بـ"خفقان"، وهو مضاف. "أعلام": مضاف إليه مجرور بالكسرة."طوال": نعت مجرور بالكسرة.
وجملة "كأن هبوبها خفقان": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "ريح خريق" فجاءت على وزن فعيل دون تاء للتانيث.
(١) الكتاب ٣/ ٦٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>