للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره. فمن المختصّ ما كان على "فُعْلَى" بضمّ الأوّل وسكون الثاني، نحو: "دُنْيَا"، و"حُبْلَى"، فهذا البناء لا يكون إلّا مؤنّثًا.

والمرادُ بقولنا: "لا يكون إلّا مؤنّثًا" أن ألفه لا تكون للإلحاق ولا لغيره؛ لأنّه ليس في الكلام مثلُ "جُعْفَرٍ" بضمّ الفاء، فيكونَ هذا ملحقًا به. وزيادتها للتكثير قليلةٌ، لا يُصار إليه ما وُجد عنه مندوحةٌ، مع أنّ غالب الأمر في الزيادة لغير الإلحاق أن تكون فيما زاد على الأصول على حدّها في "قَبَعْثَرى"، و"كُمَّثْرى". هذا رأيُ سيبويه وأصحابه، فأمّا على قياس مذهب أبي الحسن، فيجوز أن يكون للإلحاق بـ "جُخْدَبٍ". وقد أجاز السِّيرافي الإلحاقَ بـ "جُخدَبٍ"، وإن لم يكن من الأصول؛ لأنّ حروفه كلّها أصولٌ، ذكر ذلك في باب الجمع فيما كان ملحقًا بالأربعة. وقد حكى سيبويه (١) على سبيل الشذوذ: "بُهْماةٌ"، وقياسُ ذلك عند سيبويه أن تكون الألف فيه للتكثير؛ لتعذُّّرِ أن تكون للتأنيث، إذ علمُ التأنيث لا يدخل على مثله.

وهذا البناء يجيء على ثلاثة أضرب: اسمًا ليس بمصدر، ومصدرًا، وصفة.

فالأوّل: نحو: "البُهْمَى" وهو نبتٌ، و"الحُمَّى"، و"الرُّؤْيَا" لما يراه في مَنامه الإنسانُ من الأَحْلام، و"حُزْوَى" موضع بالدَّهْناء من بلاد تَمِيم. ومنه "طُغْيَا" اسمٌ للصغير من بقر الوحش، حكاه الأصمعيّ بضمّ الأوّل، وحكاه ثَعْلَبٌ بفتحه.

والثاني: وهو المصدر كـ "الرُّجْعَى"، بمعنى الرُّجُوع، و"البُشْرَى"، بمعنى "البِشارة". ومن ذلك "الزُّلْفَى" بمعنى "الإزْلاف"، وهي القُرْبة والمَنْزِلة من قوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} (٢)، أي: إزْلافًا. ومن ذلك "الشُّورَى" بمعنى المَشْوَرَة، و"السُّوأَى"، بمعنى المساءة، و"الحُسْنَى"، بمعنى الحُسْن، و"الغُمَّى"، بمعنى الغَمّ.

والثالث: وهو الصفة، نحو: "حُبْلَى" للحامل، و"خُنْثَى"، لمن أشكل أمرُه بأن يكون له ما للرجال والنساء جميعًا، مأخوذٌ من "التخنّث"، وهو الانعطاف والتكسّر، و"رُبَّى" وهي الشاة التي وضعت حديثًا، وجمعُها "رُبابٌ".

* * *

قال صاحب الكتاب: ومنها "فعلى", وهي على ضربين: اسم كـ "أجلى", و"دقرى", و"بردى"، وصفة كـ "جمزى", و"بشكى" و"مرطى".

* * *

قال الشارح: يريد من المختصّ بالمؤنّث "فَعَلَى" بفتح الفاء والعين؛ لأنّ ألفه لا تكون للإلحاق؛ لأنّه ليس في الرباعي مثلُ "جَعَفَرٍ" بفتح الفاء والعين، فكانت للتأنيث لِما ذكرنا، فمن ذلك "أجَلَى"، وَ "دَقَرَى"، وَ "بَرَدَى"، وهي أسماءُ مواضع.


(١) الكتاب ٤/ ٢٥٥.
(٢) سبأ: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>