للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: المراد بالمشترَك أن يكون البناء ممّا يشترِك فيه المذكّرُ والمؤنّثُ، وذلك بأن يكون الاسمُ الذي في آخِره ألفٌ زائدةٌ على وزن الأُصُول، نحوِ: "فَعْلَى"، فإنّه يكون على مثال "جَعْفَرٍ"، فيجوز أن يكون ألفُه للإلحاق، ويجوز أن يكون للتأنيث، فيحتاج حينئذ إلى نَظَرٍ واستدلالٍ. فإن كان ممّا يسوغ إدخالُ تاء التأنيث عليه، لم تكن الألفُ في آخِره للتأنيث، وكذلك إن سُمع فيها التنوين، فليست للتأنيث؛ لأنّ ألف التأنيث لا يدخلها تنوينٌ؛ لأنّها تمنع الصرفَ. ولا يدخل عليها علمُ التأنيث، إذ علمُ التأنيث لا يدخل على مثله، وإن امتنعت من ذَيْنك؛ فهي للتأنيث.

وإذا كانت للتأنيث، فلها أربعةُ مواضعَ:

أحدهما: أن يكون اسمَ عين، وهو ما كان شخصًا مَرْئيًّا، نحوَ: "سَلْمَى" وهو اسم رجل، و "سَلْمَى" أحدُ جَبَلَيْ طَيِّىء، وكأنّ العَلَم منقولٌ منه. ومن ذلك "رَضْوَى" وهو اسم جبل بالمدينة، وَ"عَوَّى" من منازل القمر، وهي خمسةُ أنْجُم يُقال لها: "وَرِكُ الأسَد".

الثاني: أن يكون اسمَ معنى، وهو ما كان مصدرًا كـ "الدَّعْوَى" بمعنى الادّعاء، و"الرّعْوَى" أيضًا مصدرٌ بمعنى الارْعِواء، يُقال: "ارْعَوَى عن القبيح" إذا رجع عنه، وهو حَسَنُ الرَّعْوِ والرَّعْو والرَّعْوَى. ومن ذلك "النَّجْوَى" بمعنى المُناجاة، وهي المُسارَّة، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (١)، ولذلك وُحّد، و"هم" جماعة، لكونه مصدرًا، جُعلوا نفسَ النجوى مبالغةً، كما يُقال: "رجلٌ عدلٌ"، و"قومٌ رِضى". وكذلك "اللَّوْمَى" بمعنى اللَّوْم. أنشد أبو زيد [من الوافر]:

٨١٦ - أمَا تَنفَكُّ تَرْكَبُنِي بِلَوْمَى ... بَهِجْتَ بها كما بَهِجَ الفَصِيلُ


(١) الإسراء: ٤٧.
٨١٦ - التخريج: البيت لأبي الغول الطهوي في شرح شواهد الإيضاح ص ٣٥٧؛ ونوادر أبي زيد ص ١٨٦.
اللغة والمعنى: اللومى: اللوم والعتاب. الفصيل: ولد الناقة عندما يفطم ويفصل عن أمّه.
أراد: أتبقى تلومني، أتراك تفرح باللوم كما يفرح الفصيل باللهو.
الإعراب: "أما": الهمزة: حرف استفهام، "ما": حرف نفي. "تنفك": فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمّة، واسمه ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنت. "تركبني": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، وفاعله ضمير مستتر وجوبًا تقديره: أنت، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب مفعول به. "بلومى": جارّ ومجرور بفتحة (عوضًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف) مقدّرة على الألف للتعذّر، متعلّقان بـ "تركب". "بهجت": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك، والتاء: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. "بها": جارّ ومجرور متعلّقان بـ "بهجت". "كما": الكاف: حرف تشبيه وجرّ، "ما": حرف مصدري. "بهج": فعل ماضٍ مبني على الفتح. "الفصيل": فاعل مرفوع بالضمّة، والمصدر المؤول من "ما بهج" في محلّ جر بحرف الجرّ، والجارّ والمجرور متعلّقان بمفعول مطلق محذوف، بتقدير: بهجت بها بهجةً كبهجة الفصيل.=

<<  <  ج: ص:  >  >>