للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي أسماءٌ: لهذه المعاني. فإذا قلنا: إِنّها مصادرُ، كانت عبارةً عن نفس الفعل الذي هو المعنى، وإذا كانت أسماءً لها، كانت عبارةً عن المحصِّل لهذه المعاني.

* * *

قال صاحب الكتاب: والصفة على ضربين: ما هو تأنيث أفعل، وما ليس كذلك, فالأول نحو سوداء, وبيضاء, والثاني نحو امرأة حسناء وديمة هطلاء وحلة شوكاء والعرب العرباء.

* * *

قال الشارح: هذه الأسماء كلّها صفاتٌ؛ لأنّها جاريةٌ على الموصوفين، نحوَ: "هذه امرأةٌ حَسْناءُ"، و"رأيت امراة حسناءَ"، و"مررت بامرأةٍ حسناءَ"، وكذلك البقيةُ. والغالبُ على هذا البناء أن يكون مؤنّثَ "أفْعَلَ"، وبابُه الألوانُ والعيوب الثابتةُ بأصل الخِلْقة، نحوُ: "أبْيَضَ"، وَ "بَيْضاءَ"، و"أسود"، و"سَوْداء"، و"أزرق"، و"زَرْقاء"، وقالوا في العيوب: "أعْمَى"، و"عَمْياءُ"، و"أعرجُ"، و"عَرْجاءُ"، و"أعورُ"، و"عَوْراء".

وقد جاء لغير "أَفْعَل"، قالوا: "امرأةٌ حسناءُ" أي: جميلة، ولم يقولوا: "رجلٌ أحسنُ" حتى يَقرِنوه بـ "مِنْ"، فيقولوا: "رجلٌ أحسنُ من غيره". وقالوا: "دِيمَةٌ هَطْلاءُ"، أي: دائمةُ الهَطْلِ، ولا يكادون يقولون: "مَطَرٌ أهطلُ"، وقالوا: "حُلَّةٌ شَوْكاءُ" للجديدة، هكذا قال أبو عُبَيْدة، كأنّها تشوك لجدَّتها؛ لأنّ الجديد يوصَف بالخُشونة. وقالوا: "العَرَبُ العَرْباءُ"، أي: الخالِصة، كما يُقال: العارِبةُ. وقالوا: "امرأةٌ عَجْزاءُ" للكبيرةِ العَجُز، وإذا أرادوا المذكّر، قالوا: "رجلٌ ألِيٌّ"، ولم يقولوا: "أعْجَزُ". وقالوا: "داهِيَةٌ دَهْياءُ"، كأنّهم رفضوا "أفْعَلَ" في هذه الصفات؛ لقلّة وصف المذكّر بها.

فهذا البناء أعني "فَعْلآء" المفتوحَ الأوْل على اختلاف ضروبه لا تكون الهمزةُ في آخِره إلَّا للتأنيث، فلا ينصرف لذلك، وهي بدل من ألف التأنيث بخلاف المضموم أوّله والمكسورِ، نحوِ: "قُوباءٍ"، و"عِلْباءٍ"، وذلك لأنّه ليس في الكلام "فَعْلالٌ" بفتح الَفاء، فيكونَ هذا ملحقًا به، إلَّا فيما كان مضاعفًا، نحوَ: "الزَّلْزال"، و"القَلْقال". وحكى الفرّاء: "ناقةٌ بها خَزْعالٌ"، أي: ظَلْعٌ. وروى ثَعْلَبٌ: "قَهْقارٌ" للحَجَر الصُّلْب. وزاد أبو مالك: "قَسْطالٌ" للغُبار. فإن صحّت الرواية، حُمل على أنّ المراد: "خَزْعَلٌ"، و"قَهْقَرٌ"، و"قَسْطَلٌ"، والألفُ إشباعٌ عن الفتحة قبلها على حدِّ "تَنْقادُ الصَيارِيفِ" (١).

* * *


(١) من قول الفرزدق [من البسيط]:
تنّفي يداها الحصى في كُل هاجرَةٍ ... نَفْيَ الدنانير تَنْقادُ الصَّياريفِ
وسيأتي الكلام عليه مفصَّلاً في الجزء الأَخير من جزئنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>