و"ظُرِفَ في هذا المكان". فالمكبَّرُ كالفعل المسمّى فاعلُه، والمصغَّرُ كالفعل الذي لم يسمّ فاعله. والمعتمَدُ أنّ الغرض صيغةٌ تخلُص للتصغير من غيرِ مشارَكة، ولم يوجَد سوى هذه الصيغة.
فإن قيل: فلِمَ كان التصغير بزيادةِ حرف؟ وهلّا كان بنقصِ حرف، إذ الغرضُ تغييرُ صيغة المكبّر عن حاله. وكما يحصل التغييرُ بالزيادة، كذلك يحصل بالنقص، مع أنّ النقص يُناسِب معنى التصغير إذ كان التصغيرُ نقصًا. قيل عنه جوابان:
أحدهما: أنّ التصغير لمّا كان صفةً وحِلْيَةً للمصغّر بالصغَر، والصفةُ إنما هي لفظٌ زائدٌ على الموصوف؛ جُعل التصغير الذي هو خَلَفٌ عنه بزيادةٍ، ولم يُجعَل بنقصٍ؛ ليُناسِب حالَ الصفة.
والثاني: أنّهم لمّا أرادوا الدلالة على معنى التصغير والإيذانَ بذلك؛ جعلوا العلامة بزيادةِ لفظ, لأنّ قوّة اللفظ تُؤذِن بقوّة المعنى.
ووجهٌ ثالثٌ: أنّ أكثر الأسماء ثلاثية، فلو كان التصغيرُ بنقصٍ؛ لَخرج الاسم عن منهاج الأسماء، ونقص عن البناء المعتدِل.
فإن قيل: ولِمَ كان المَزِيد ياءً دون غيرها من الحروف؟ فالجواب أنّ الدليل كان يقتضي أن يكون المزيد أحدَ حروف المدّ واللين لخفّتها وكثرةِ زيادتها في الكِلَم، فَنَكَّبوا عن الألف؛ لأن التكسير قد استبَدَّ بها في نحو: "مساجد"، و"دراهم"؛ ولأنّه قد لا يخلص البناءُ للتصغير؛ لأثه يصير على "فُعَالِ" كـ"غُرابٍ"، فعدلوا إلى الياء؛ لأنّها أخفُّ من الواو.
وله ثلاثة أبنية: "فُعَيْلٌ"، و"فُعَيْعِل"، و"فُعَيْعِيلٌ". والمراد بها الوزنُ لا المثالُ نفسُه؛ لأنه قد يكون المثال "أُفَيْعِلَ"، نحوَ: "أُحَيْمِدَ"، و"مُفَيْعِلٌ"، نحو: "مُكَيْرِمٍ"، و"فُعَيْلِينٌ"، نحو: "سُرَيحِينٍ."
فأمّا "فُعَيْلٌ"، فهو تصغير ما كان على ثلاثة أحرف من أيّ بناء كان، كقولك في "فَلْسٍ": "فُلَيسٌ"، وفي "قَلَمٍ": "قُلَيْمٌ"، وكذلك بقيةُ أبنية الثلاثيّ.
وأمّا "فُعَيْعِلٌ"، فهو تصغيرُ ما كان على أربعة أحرف من أيّ بناء كان، كقولك في "جَعْفَرٍ": "جُعَيْفِرٌ"، وفي "زِبْرِجٍ": "زُبَيْرِجٌ"، وكذلك سائرُ أبنية الرباعيّ. وسواءٌ في ذلك الأصُولُ وما فيه زيادةٌ، فكما تقول: "جُعَيْفِرٌ"، و"سُبَيْطِرٌ"، كذلك تقول في "جَهْوَرٍ": "جُهَيِّرٌ"، وفي "صَيْرَفٍ": "صُيَيرِفٌ"، وفي "غُلامٍ": "غُلَيِّمٌ"، وفي "عَجُوزٍ": "عُجَيِّزٌ".
وأمّا "فُعَيْعِيلٌ"، فهو على وجهَيْن:
أحدُهما: أن يكون تصغيرَ ما كان من الأسماء على خمسة أحرف، والرابعُ منها واوٌ