أحدهما، وهو الأجودُ، أنّ تحكي الإعراب قبل التسمية، فتقول:"هذا زيدان"، و"رأيت زيدَيْن قائمًا"، و"مررت بزيدَيْن جالسًا"، فتُعْرِبه بالحروف، كما كان إعرابُه قبل التسمية بها. فعلى هذا إذا نسبت إلى شيء من ذلك، حذفت علامتَي التثنية والجمع، فتقول:"هذا زَيْدِيٌّ"، و"رأيت زيديًّا"، و"مررت بزيديّ" و"هذا مُسْلِميٌّ"، و"رأيت مسلميًّا"، و"مررت بمسلميّ". وذلك أنّك لو أبقيتَهما، وقلت:"مسلمونيٌّ"، و"مسلمانيٌّ"، لجمعتَ في الاسم الواحد بين إعرابَيْن: أحدُهما بالحروف، والآخر بالحركات الكائنة على علامة النسب. وذلك لا يجوز، معِ أنّه كان يجوز أنّ تثنّيه، وتجمعه بالواو والنون، فتقول:"مسلمانِيّانِ"، و"مسلمونِيُّون"، فيُجمَع أيضًا في الاسم الواحد إعرابان بالحروف، وكلاهما فاسد.
والثاني أنّ لا تحكي الإعراب بعد التسمية، وتُجْرِي الإعراب في التثنية على النون، وتجعل قبل النون ألفًا لازمة، وتجعله من قبيل "عُثْمانَ"، و"مَرْوانَ"، فتقول:"هذا مسلمانُ"، و"رأيت مسلمانَ"، و"مررت بمسلمانَ". وتقول في الجمع:"هذا مسلمِينٌ"، و"رأيت مسلمينًا"، و"مررت بمسلمِينٍ"، وقد تقدّم ذلك. فعلى هذا، تكون النسبةُ إليه بإثبات علامة التثنية والجمع من غيرِ حذف شيء منهما، فتقول:"هذا زيدانيٌّ"، و"رأيت زيدانيّا"، و"مررت بزيدانيّ"، وتصرفه عند اتّصال ياءي النسبة به، كما تصرف نحو:"مساجِدَ" إذا اتّصل به تاء التأنيث، نحو:"صَياقِلَةٍ"، و"صَيارِفَةٍ". وقد جاء "خَلِيلانُ" اسمًا، ونسبوا إليه "خَلِيلانيٌّ". وقد جاء في أسماء الأمكنة ما هو على طريق التثنية، كما جاء فيها ما هو على طريقة الجمع، قالوا:"سَبُعان"، وهو اسمُ مكان كأنّه تثنيةُ "سَبُعٍ"، ولا يكون:"فَعُلانُ"؛ لأنّه لا نظيرَ له، وأمّا قوله [من الطويل]:
ألَا يا دِيارَ الحَي بالسَّبُعانِ ... أَمَلَّ عليه بالبِلَى المَلَوانِ
فإنّ الشعر لابن مُقْبِلٍ، الشاهدُ فيه أنّه أعربه بالحركات، وألزمَه الألفَ، فعلى هذا النسبةُ إليه سَبُعانِيٌّ؛ لأنّ الألف فيه ليست للدلالة على الإعراب؛ إنّما هي بمنزلة الألف في "زَغفَرانٍ"، والمعنى أنّه يتأسّف على ديار قومه بهذا المكان، ويُخْبِر أنّ المَلَوَيْن، وهما الليل والنهار أبلياها ودرساها.
وأمّا نحو:"قِنَّسْرِينَ"، و"نَصِيبِينَ"، و"يَبْرِينَ" ونحوِهنّ من أسماء المواضع كـ"فِلَسْطِينَ"، و"سَيْلَحِينَ"، و"ماكِسِينَ"، فأمّا "قِنَّسْرين"، فمدينةٌ داثرةٌ بالشأم؛ وأمّا "نصيبين" فمدينة بالجَزيرة؛ وأمّا "يَبْرِين" فموضعٌ بالشام أيضًا، و"سَيْلَحون" قريةٌ بفارسَ، و"ماكسون"موضعٌ بالخابُور، فهذه الأسماءُ كلها من قبيل ما سُمّي بجمع، كأنّهم جعلوا كلَّ جهة "قنّسرًا"، و"نصيبًا"، و"يَبْرًا"، ثمّ جمعوه بالواو والنون، وسمّوا به. وفيهٍ المذهبان: منهم من يجعل الإعراب في النون، ويُلْزِمه الياء، فيقول:"هذا قنّسرينُ"، و"رأيت قنّسرينَ"، و"مررت بقنّسرينَ". فعلى هذه اللغة لا تحذف شيئًا منه إذا نسبت