للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه " المُجَرَّبُ"، و"المُقاتَل"، و"المُتَحامَلُ"، و"المُدَحْرَجُ"، فـ"المُفْعَل" في هذا كالمفعول في الثلاثي، إلَّا أنَّهم يضمون الأوّل فيما زاد على الثلاثة، كما ضمّوا أوّل الفعل منه، فـ"مُدْخَلٌ" كـ"يُدْخَلُ"، و"مُنْزَلٌ" كـ"يُنْزَلُ"، فأما قوله [من البسيط]:

الحمد لله مُمْسانَا ومُصْبَحَنَا (١) ... إلخ

فالبيت لأُمَيَّةَ بن أبي الصَّلْت، والشاهد فيه استعمال "الممسى"، و"المصبح" بمعنى الإمساء والإصباح، والمراد وقتَ الإمساء، ووقتَ الإصباح، كما يُقال: "أتيتُه مَقْدَمَ الحاجّ، وخُفُوقَ النجْم"، أي: وَقْتَه؛ فالممسى هاهنا، والمصبح نصبٌ على الظرف، وأمَّا قول الآخر [من الطويل]:

وعِلمُ بَيانِ المَرْء عند المُجَرَّبِ (٢)

فالبيت لرجل من بني مازِن، وقد أوقعت بنو مازن بقوم من بني عَجل، فقتلوهم، فغدت بنو عجل على جار من بني مازن، فقتلوه، وصدرُ البيت:

وقد ذُقْتُمونا مَرَّةً بعد مرّةٍ

والشاهد فيه وضعُ "المُجَرَّب" موضعَ "التجْرِبَة"، يريد أن بالتجربة يُعْرَف ما يُحْسِنه المرءُ، وقوله [من الطويل]:

فإن المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرُكُوبُ (٣)

الشعر لعَلْقَمَةَ بن عَبَدَةَ، وصدره:

تُرادَى على دِمْنِ الحِياضِ فإنْ تَعَفْ

وقبله:

فأوْردتُها ماءً كأن جِمامَهُ ... من الأجْنِ حِنّاءٌ مَعًا وصَبِيبُ

والشاهد فيه وضع "المُندَّى" موضعَ "التَّنْدِيَة". يُقال: "نَدَتِ الإبلُ" إذا رعت بين النَّهَل والعَلَل، تَنْدُو نَدْوًا، وأنْدَيْتُها أنا، وتَنْدِيةٌ، والمكان المُنَدَّى، وكذلك المصدر؛ يصف إبلًا ترعى على دمن المياه، فإن عافت الرَّعْيَ، استُعملت في الرحيل والركوب، فهو كقوله [من الكامل]:

٨٨٦ - [بِسَوَاهِم لُحُقِ الأياطلِ شُزّبِ] ... فعَلِيقُها الإسْراجُ والإلجامُ


(١) تقدم بالرقم ٨٧٥.
(٢) تقدم بالرقم ٨٧٦.
(٣) تقدم بالرقم ٨٧٧.
٨٨٦ - التخريج: البيت لأبي تمام في ديوانه ٢/ ٧٥.
اللغة: السواهم: المتغيرات الوجوه. لُحُق: جمع لحوق. الأياطل: جمع أيطل، وهو الكَشْح.=

<<  <  ج: ص:  >  >>