للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنّما عَطَف "الركوب" بالفاء دون الواو، ليؤْذِن بأن ذلك متَّصل لا ينقطع، كما يُقال: "مُطِرْنا ما بين زُبالَةَ فالثَّعْلَبِيةِ"، إذا أردت أن المطر انتظم الأماكنَ التي بين هاتَيْن القريتَين، يقروها شيئًا فشيئا بلا فُرْجة، ولو قلت: "مطرنا ما بين زبالة والثعلبيّة"، فإنَّما أفدت بهذا القول أن المطر وقع بينهما، ولم ترد أنه اتّصل في هذه الأماكن من أوّلها إلى آخرها. وأمّا قول الراجز:

إنْ المُوَقَّى مِثْلُ ما وُقِّيتُ (١)

فهو لرُؤْبَةَ بن العجّاج، وقبله:

يَارَبّ إنْ أخطَأت أو نَسِيتُ ... فأنْتَ لا تَنْسَى ولا تَمُوتُ

الشاهد فيه استعمال "الموَقَّى" بمعنى "التوْقِيَة"، أي: أن التوقية مثلُ تَوْقِيَتِي، وكان قد وقع في أيدِي الحَرُورية، وأمّا قول الآخر [من الطويل]:

أُقاتِلُ حتى لا أرَى لي مُقاتَلًا

فإنّ هذا المِصْراع قد استعمله شاعران أحدهما مالك بن أبي كَعب، وتمامه:

وأنْجُو إذا حُمَّ الجَبانُ من الكَرْبِ (٢)

والشاهد فيه استعمال "مُقاتَل" بمعنى القِتال، أي: حتى لا تبقى لي قُدْرةٌ على القتال، وأنجو عند الغَلَبَة بالفِرار إذا هلك الجبان، وأُحِيطَ به لعَجْزه عن الدفع والنَّجاة، والآخر زيد الخَيْلِ، وتمامه [من الطويل]:

وأنْجُو إذا لم يَنْجُ إلَّا المُكَيَّسُ

أي: الكَيِّس العاقل؛ لأنَّه يعرِف وجه التخلص، وأما قوله [من الرجز]:

كأنّ صَوْت الصَّنْجِ في مُصَلصَلِهْ (٣)


= شُزب: ضوامِر.
الإعراب: "بسواهم": جار ومجرور متعلقان بالفعل "ملأ" في البيت السابق، وصرف الشاعرُ "سواهم" للضرورة الشعرية. "لحق": نعت مجرور بالكسرة، وهو مضاف. "الأياطل": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "شزب": نعت ثان مجرور بالكسرة الظاهرة. "فعليقها": الفاء حرف استئناف، و"عليق": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "الإسراجُ": خبر مرفوع بالضمة. "والالجامُ": حرف عطف واسم معطوف مرفوع بالضمة.
وجملة "فعليقها الإسراجُ والإلجام" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
وليس في البيت شاهد نحوي، ولكنه أتى به توكيدًا على كثرة سفر الرواحل.
(١) تقدم بالرقم ٨٨٠.
(٢) تقدم بالرقم ٨٨١.
(٣) تقدم بالرقم ٨٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>