للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: قد تقدّم أن اسم الفاعل محمول على الفعل في العمل، لكن اسم الفاعل يثنّى ويجمع على حسب ما يكون له من الفعل، فتكون تثنيةُ اسم الفاعل وجمعُه جاريًا مجرى الفعل. وأولى الجموع بذلك الجمعُ السالم, لأنّه يسلَم فيه لفظُ واحده، فتكون طريقته طريقةَ الواحد، والواحدُ جارٍ مجرى الفعل على ما ذكرناه، وزيادةُ التثنية والجمع تجري مجرى الزيادتَيْن اللاحقتين للفعل، فتقول: "هذان ضاربان زيدًا"، كما تقول: "يضربان زيدًا"، و"هم ضاربون زيدًا"، كما تقول: "يضربون زيدًا".

ويجوز تقديم منصوبهما عليهما كما كان كذلك في الواحد، تقول: "هذان زيدًا ضاربان"، و"هؤلاء زيدًا ضاربون"، ثم أجروا الجمع المكسر مجرى الجمع السالم، إذ كانا جميعًا جمعَيْن، وإن كان التكسير في الصفات قليلًا، فقالوا: "الزيدون ضُرّابٌ عمرًا"، و"الزيدون عَمْرًا ضُرّابٌ"، و"الهِنْداتُ ضواربُ عَمْرًا"، و"عَمْرًا ضواربُ"، وقد أكثر ذلك في "فَواعِلَ" لاطراده في جمعِ "فَاعِلَةَ" اطّرادَ جمع السلامة فيه. قال أبو كَبِير الهُذَليّ [من الكامل]:

مِمَّنْ حَمَلْنَ به وهن عَواقِدٌ ... حُبُكَ النطاقِ فشَبَّ غيرَ مُهَبَّل

صرف "عواقد" ضرورة، ونصب به "حبك". وعواقدُ: جمع عاقدة، يريد أن أُمّه حملت به مُكْرَهَة، والعربُ تزعم أن المرأة إذا وُطئت مكرهة؛ جاء الولدُ نجيبًا؛ فأمّا ما أنشده من قوله [من الرجز]:

أوالِفًا مَكةَ من وُرْقِ الحَمِي

فالشعر للعَجّاج، وأوالفُ: جمع آلِفَةٍ، وصرفه ضرورةً، وصف حَمامَ مكة بأنها قد ألِفتْ مكةَ، لأمْنها فيها، ويروى: "قواطنًا" وهو جمع "قاطنة"، وهي المُقيمة الساكنة. والوُرْق: جمع وَرْقاءَ، وهي التي لونها إلى الغُبْرة نحوُ الخُضْرة، ويريد بالحَمِي: الحَمام، وإنّما حَذَفَ، ويحتمل ذلك أمرين:

أحدهما: أن يكون حذف الميم على حدّ الترخيم في غيرِ النداء ضرورة، ثمّ أبدل من الألف ياءً، كما أُبدل من الياء ألف في نحو "مَدارٍ"، و"صَحارٍ".

الأمر الثاني: أن يكون حذف الألف تخفيفًا لزيادتها، فاجتمع الميمان، فأبدل من الثانية ياء لكراهية التضعيف، على حدّ الإبد الذي "تَظَنَّيْتُ"، والأصل "تَظَنَّنْتُ" وفي قوله [من البسيط]:

٩٠٩ - [يا ليتَما أُمُّنا شالَتْ نعامَتُها] ... أيْمَا إلى جَنَّةٍ أيْمَا إلى النار


= والشاهد فيه قوله: "مهاوين أبدانَ ... " حيث عمل جمع صيغة المبالغة "مهاوين" عمل مفرده "مهوان"، الذي يعمل عمل فعله، فنصب المفعول "أبدان".
٩٠٩ - التخريج: البيت للأحوص في ملحق ديوانه ص ٢٢١؛ ولسان العرب ١٤/ ٤٦ (أما)، ولسعد بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>