للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد أصابوه، فحذف الهاء وهو يريدها. وقد يحذف من الخبر أيضًا، وهو قليل. قال الشاعر [من الرجز]:

قد أصبحث أُمُّ الخِيار تَدَّعِي ... على ذَنبًا كُلُّهُ لم أَصْنَعِ (١)

أراد: أصْنَعْهُ، والكثير حذفُه من الصلة للطول، ثمّ حذفُه من الصفة في الحُسْن بعد الأول، تُشبَّه الصفة بالصلة من حيث كانت الصفة والموصوف كالشيء الواحد، وهو في الخبر قليل. فأمّا قوله تعالى. {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} (٢)، فقال بعضهم: إن الألف واللام أغنت عن المضمر العائد، إذ كانت مُعاقِبة للإضافة، والمراد: أبوابها. وهو ضعيف، إذ لو جاز مثل هذا، لجاز "جاءني الذي قام الغلامُ" على إرادةِ "غلامُه". وذلك لا يجوز بلا خلاف. وقال قوم -وهو رأي أكثر البصريين- إن العائد محذوف، والمراد: مفتّحةً لهم الأبواب منها. واختيارُ أبي عليّ أن تكون الصفة مسندة إلى ضمير الموصوف، فيكون على هذا في "مفتّحة" ضميرُ "الجنّات", لأنّه يقال: "فُتحت الجنّات"، إذا فُتحت أبوابُها. وفي التنزيل: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} (٣)، وتكون "الأبواب" مرتفعة على البدل من الضمير في "مفتّحة" بدلِ البعض من الكلّ، بمنزلة قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٤). وقد أنشدوا بيت امرئ القيس [من الطويل]:

٩١٨ - كبِكْرِ المُقَانَاة البَياضِ بصُفْرَةٍ ... غَذاها نَمِيرُ الماء غيرَ مُحلَّلِ


= وجملة "ما أدري" بحسب ما قبلها. وجملة "أغيرهم تناء": سدت مسد مفعولي "أدري". وجملة "أصابوا": في محلّ رفع نعت "مال".
والشاهد فيه قوله: "مال أصابوا" حيث حذفت الهاء من الفعل لوقوع الجملة نعتًا "أصابوا". وهذا جائز، والتقدير: "مال أصابوه".
(١) تقدم بالرقم ٢٤٥.
(٢) ص:٥٠.
(٣) النبأ: ١٩. وهي قراءة أبي عمرو وابن عامر ونافع وغيرهم. انظر: البحر المحيط ٨/ ٤١٢؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ٣٦٤؛ ومعجم القراءات القرآنية ٨/ ٤٦ - ٤٧.
(٤) آل عمران: ٩٧.
٩١٨ - التخريج: البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٦؛ ولسان العرب ٥/ ٢٣٦ (نمر)، ١١/ ١٦٩ (حلل)، ١٥/ ٢٠٥ (قنا).
اللغة والمعنى: المقاناة والمقناة: الموضع الظليل لا تطلع الشمس عليه. نمير الماء: طيّبه. أراد. إنها عذراء يضاء مصفرّة لا تراها الشمس، يقدّم لها الماء الطيب.
الإعراب: "كبكر": جارّ ومجرور متعلقان مما تقدّم، وهو مضاف: "المقاناة": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "البياض": نعت مجرور بالكسرة. "بصفرة": جارّ ومجرور متعلقان بما تقدَّم. "غذاها": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف للتعذّر، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ نصب =

<<  <  ج: ص:  >  >>