ومن ذلك "المَشْرِق"، و"المَغْرِب" لمكان الشروق والغروب، وقالوا:"المَفْرِق" لوَسَط الرأس؛ لأنّه موضع فرق الشعر، وكذلك "مَفْرِق": الطريق للموضع الذي يَتشعّب منه طريقْ آخرُ، و"المَسْقِط" موضع السقوط، يُقال:"هذا مسقط رأسي"، أي: حيث وُلدتُ، و"أنا في مسقط رأسي" أي حيث سقط.
و"المَسْكِن": موضع السُّكْنَى، يُقال:"سكنتُ داري أسكُنها". والمسكِن: الموضع، والمصدر:"المَسْكَن" بالفتح. و"المَرْفِق": موضع الرفْق، والرفق: ضدّ العُنْف، يُقال:"رفقتُ به أرفُق"، والمكان "المَرْفِق"، وقالوا:"المَسْجِد"، وهو اسمٌ للبيت، وليس المراد موضع السجود، أي: موضع جَبْهَتك، إذ لو أُريد ذلك؛ لقيل:"المَسْجَد" بالفتح، كسروا هذه الألفاظ، والبابُ فيها الفتح، أدخلوا الكسر فيها؛ لأنّه أحد البناءَيْن، كما أدخلوا الفتح فيها.
* * *
قال صاحب الكتاب: والثاني بناؤه من كل فعل كانت عين مضارعة مكسورة كالمحبس والمجلس والمبيت والمصيف ومضرب الناقة ومنتجها، إلا ما كان منه معتل الفاء أو اللام، فإن معتل الفاء مكسور أبداً كالموعد والمورد والموضع والموجِل والموجلُ، والمعتل اللام مفتوح أبداً كالمأتى والمرمى والمأوى والمثوى، وذكر الفرّاء أنه قد جاء: مأوى الإبل بالكسر.
* * *
قال الشارح: أمّا ما كان عينُ المضارع منه "يَفْعِلُ" بالكسر، فالمكان والزمان منه "مَفْعِلٌ" بالكسر، كـ "المَحْبِس" و"المجلِس"، و"المبِيت"، و"المصِيف"، و"مضرِب الناقة"، و"منتِجها". فـ "المحبس" موضع الحَبْس، يُقال:"حبستُه أحْبِسُه"، أي: منعتُه الانبعاثَ. و"المجلس": موضع الجلوس؛ لأنّه من "جَلَس يجلِس"، وقالوا:"المَبِيت" للمكان يُبات فيه؛ لأنّ بات يَبِيتُ كـ "جلس يجلِس"، وأما "المَصِيف" فالمراد به الزمان، وهو من "صاف يصِيف" وكذلك "مَضْرِب الناقة" لزمن ضِرابها، يُقال:"أتى مضرب الشُّوَّل"، و"انقضى مضربها"، أي: أتى زمانه، وانقضى زمانه، وكذلك "المَنْتِج" لزمان النتاج، يُقال:"أتت الناقة على منتجها"، أي: الوقت الذي تنتِج فيه.
وأمّا المعتل من هذا الضرب، فإنّه لا يخلو من أن يكون معتل الفاء أو العين أو السلام، فما كان منه معتل الفاء، فإنه يجري على منهاج واحد، لا يختلف باختلاف حركة عين المضارع منه، كما كان كذلك في الصحيح، فيجيء مكسورَ العين على كلّ حال،