للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء كان مفتوح العين، أو مكسوره في المضارع، ولذلك استثناه؛ لأنّه مخالفٌ لِما تقدمه، وذلك، نحو: "المَوعِد"، و"المَوْرِد"، وهما من "وَعَدَ يَعِدُ"، وَ"وَرَدَ يَرِدُ" بالكسر، وقالوا: "المَوْجِل"، و"المَوْحِل": فكسروا أيضًا، وهو من "وَجِلَ يَوجَلُ"، و"وَحِلَ يَوْحَلُ" بالفتح.

والعلّةُ في ذلك أن ما كان على "فَعَلَ"، وأولُه واوٌ، فإنّه يلزم مستقبله "يَفْعِلُ"، ويلزمه الإعلال بحذف واوه في المستقبل، نحوِ: "يَعِدُ"، و"يَرِدُ"، فكسروا المَفْعَل منه على القاعدة، ثمّ حملوا ما كان منه على "فَعِلَ يفعَل" على ذلك، فقالوا: "مَوْجِلٌ"، و"مَوْحِلٌ"، وذلك لأنّ "يوجل"، و"يوحل" في هذا الباب قد يعتلّ، فتُقلَب الواو ياءَ مرةً، نحوَ: "يَيْجَل"، و"يَيْحَل"، وألفا أخُرى، نحو: "يَاجلُ"، و"يَاحَلُ"، فلمّا كان كذلك، شبّهوها بالأول, لأنها في حال اعتلال، ولأن الواو فيها في موضع الواو من الأوّل، وهم كثيرًا ما يشتهون الشيء بالشيء، فيحملونه عليه إذا كان بينهما موافَقةٌ في شيء، وإن اختلفا من جهات اخرى. وقد حكى يونس وغيره فيما حكاه سيبويه (١) أن ناسًا من العرب يقولون: "مَوْجَلٌ"، وَ"مَوْحَلٌ" بالفتح حيث كان المضارع مفتوحًا في "يَوْجَل"، و"يَوْحَل"، فجروا فيه على الأصل، وهذا القول أقيسُ، والأول أفصحُ.

وأمّا ما كان معتل العين، فإنَّه يجري على قياس الصحيح فما كان منه مضموم العين، فإنّ "المَفْعَل" منه مفتوح، نحوُ: "المَقام"، و"المَقال", لأنّه من "قال يقول"، و"قام يقوم"، فهوكـ "المَقْتَل"، و"المَخْرَج"، من "قتل يقتُل"، و"خرج يخرُج". وما كان مكسور العين فـ "المَفْعل" منه مكسور، نحو: "المَقِيل"، و"المَبِيت"؛ لأنّه من "بات يبِيت"، و"قال يقِيل"، كـ "ضَرَب يضرِب"، و"جلس يجلِس".

وأمّا المعتل اللام، فإنَّه يأتي "مَفْعل" منه على منهاج واحد كالمعتلّ الفاء إلّا أن المعتل الفاء "مَفْعَل" منه مكسور، والمعتلّ اللام "مَفْعَل" منه مفتوح، وذلك، نحو: "المَأتَى"، و"المَرْمَى"، و"المَأْوَى"، و"المَثْوى". وذلك لأنّه معتل، فكان الألف والفتح أخفّ عليهم من الكسر مع الياء، ففرّوا إلى "مَفْعَل" بالفتح، إذ كان ممّا يُبْنَى عليه المكان والزمان، فإذا كان ذلك فيما لامه ياءٌ؛ كان في ذوات الواو أولى، نحوِ: "المَغْزَى"، و"المَدْعى"؛ لأنّه على "فعل يفعُل" بالضمّ، مثلِ "دَعَا يَدْعُو" و"غزا يَغزُو"، وفيه ما في ذوات الياء، لم يخرج من ذلك إلَّا "مَأْوِي الإبل"، فإنّه قد جاء مكسورا فيما حكاه الفرّاء، وذكرَ غيرُه: "مَأوَى الإبل" بالفتح على القياس، فاعرفه.


(١) الكتاب ٤/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>