للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر [من الوافر]:

٩٨ - أُكاشِرُهُ وأَعْلَمُ أنْ كِلانا ... على ماساءَ صاحِبُهُ حَرِيصُ

فأخبر عنها بالمفرد، وهو"يوم صدّ"، و"حريص"؛ وكلاهما مفردٌ، ولو كانت تثنيةً حقيقيّةً، لفظًا ومعنًى، كما زعموا، لَمَا جاز إلَّا "يَوْمَا صَدًّ" و"حريصان"؛ ألا ترى أنّه لا يجوز بوجهٍ أن تقول: "الزيدان قائمٌ".

وممّا يدل على إفرادها من جهة اللفظ جوازُ إضافتها إلى المثنّى؛ كقولك: "جاءني كلا أخوَيْك، وكلا الرجلَيْن"، و"مررت بهما كلَيْهما". ولو كانت تثنيةً على الحقيقة، لم يجز ذلك، ولَكان من قبيلِ إضافة الشيء إلى نفسه، وذلك ممتنع؛ ألَّا ترى أنه لا يُقال: "مررت بهما اثنَيْهما"، كما تقول: "مررت بهما كِلَيْهما".

وممّا يدلّ على إفرادها أنّك متى أضفتها إلى ظاهر، كانت بالألف على كلّ حال، وليس المثنّى كذلك.

فإن قيل: فقد عاد الضمير إلهيا بلفظ التثنية، نحوَ قوله [من البسيط]:

٩٩ - كِلاهما حِينَ جدَّ الجَرْيُ بينهما ... قد أقْلَعَا وكِلَا أنْفَيْهِما رابِي


= والشاهد فيه قوله: "كلا يومي أمامة يوم" حيث أخبر بـ "يوم" وهو مفرد عن "كلا"، وذلك يدل على أن "كلا" مفرد لفظًا.
٩٨ - التخريج: البيت لعدي بن زيد في الكتاب ٣/ ٧٤؛ وليس في ديوانه؛ ولعمرو بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص ١٨؛ وبلا نسبة في المقتضب ٣/ ٢٤١.
اللغة: أكاشره: أضاحكه وأمازحه. الحريص: الشره الجشع.
المعنى: أتبسم في وجهه، وأمازحه، وأعلم- كما يعلم- أنني أتمنىّ ما يسوؤه، كما يتمنّي ما يسوؤني.
الإعراب: "أكاشره": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، و"الهاء": ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "أنا". "وأعلم": الواو: عاطفة، "أعلم": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، و"الفاعل ": ضمير مستتر تقديره "أنا" "أن": حرف مخفّف من "أنّ"، و"اسمها": ضمير الشأن المحذوف، والتقدير: أنه "كلانا": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنَّى، و"نا": ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "على": حرف جر. "ما": اسم موصول بمعنى "الذي" في محلّ جرّ بحرف الجرّ، والجار والمجرور متعلّقان ب "حريص ". "ساء": فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر تقديره: "هو". "صاحبه": مفعول به منصوب بالفتحة، والهاء: ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. "حريص": خبر "كلانا" مرفوع بالضمّة. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها سدّ مسدّ مفعولي "أعلم".
وجملة "أكاشره": ابتدئية لا محل لها. وجملة "أعلم": معطوفة عليها لا محلّ لها. وجملة "كلانا حريص": في محلّ رفع خبر "أن". وجملة "ساء صاحبه": صلة الموصول لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله: "أن كلانا حريص" حيث أخبر عن "كِلا" بالمفرد.
٩٩ - التخريج: البيت للفرزدق في أسرار العربية ص ٢٨٧؛ وتخليص الشواهد ص ٦٦؛ والخصائص ٣/ =

<<  <  ج: ص:  >  >>