ضاربٌ". ألا ترى أنّ في "ضارب" ضميرًا يرجع إلى "زيد"، إلَّا أنه ليس له صورة بارزة، وذلك لقوّة الأفعال الذي اتّصالها بالفاعلين، وكونِها الأصل في تحمُّل الضمير. وهذه الأسماءُ إنمّا تحمّلت الضمير بحكم جَرَيانها على الأفعال، وكونها من لفظها.
وأمّا تاء التأنيث، فنحو: "قامت"، و"ضربت"، وإنمّا قَيَّدَ ذلك بكونها ساكنة؛ للفرق بين التاء اللاحقة للأفعال، وبين التاء اللاحقة للأسماء، وذلك أن التاء إذا لحقت الفعل، فهي لتأنيث الفاعل لا لتأنيث الفعل، فهي في حكم المنفصلة من الفعل، ولذلك كانت ساكنة، وبناءُ الفعل قبلها على ما كان، والتاءُ اللاحقة بالأسماء لتأنيثها في نفسها، فهي كحرف من حروف الاسم، فلذلك امتزجت بها، وصارت حرف إعراب الاسم، تتحرّك بحركات الإعراب، فلذلك جعلها إذا كانت ساكنة من خصائص الأفعال.
فإن قيل: ولِمَ لُقّب هذا النوع فعلًا، وقد علمنا أن الأشياء كلّها أفعال الله تعالى؟ قيل: إنمّا لُقّب هذا القبيل من الكلم بالفعل؛ للفصل بينه وبين الاسم والحرف، وخُصّ بهذا اللقب؛ لأنه دالّ على المصدر، والمصدر هو الفعل الحقيقيّ، فلقّب بما دلّ عليه.
فإن قيل: فإنّه يدلّ على الزمان أيضًا، فهلّا لقّب به. قيل: الفعل مشتقّ من لفظ المصدر، وليس مشتقًّا من لفظ الزمان، فلمّا اجتمع فيه الدلالة على المصدر، وأنّه من لفظه؛ كان أخصّ به من الزمان.