للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكَ استعمالُها في الجزاء مضمومًا إليها "مَا" وغيرَ مضموم إليها، إن شئت، قلت: "متى تذهبْ أذهبْ"، و"متى ما تذهبْ أذهبْ".

وأمّا "حَيثُ" و"إذْ"، و"إذَا" فظروفٌ أيضًا، فـ"حيث" ظرف من ظروف الأمكنة مبهم، يقع على الجهات الستّ، و"إذ"، و"إذا" ظرفا زمان، فـ "إذْ" لِما مضى، و"إذا" لِما يُستقبل، وكل الظروف التي يجازى بها يجوز أن يجازى بها من غير أن يضمّ إليها "ما" ما خلا "حَيثُمًا" وأُختيها، وذلك لأنها مبهمة تفتقر إلى جملة بعدها تُوضِحها وتُبيّنها، فتَنزّلت الجملة منها منزلة الصلة من الموصول، فكانت في موضع جرّ بإضافتها إليها متنزلةً منها منزلةَ الجزء من الكلمة، فلمّا أرادوا المجازاة بها، لزِمهم إبهامُها، وإسقاطُ ما يوضحها، فألزموها "ما" كما ألزموا، "إنَّما"، و"كأنما"، و"رَبَّمَا" وجعلوا لزومَ "ما" دلالةً على إبطال مذهبها الأولِ، فجعلوا "حيثما" بمنزلة "أينَ" في الجزاء، ولم تزل عن معناها الأول، فتقول: "حيثما تكن أكن"، كما تقول: "أين تكن أكن"، و"حيثما تقم يُحْبِبك أهلُها". قال الله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (١)، فـ "كنتم" في موضع مجزوم، ولذلك أجابه بالفاء، وجعلوا "إذما"، و"إذاما" بمنلةِ "متى"، فقالوا: "إذما تأتِني آتِك"، و"إذا ما تُحسِنْ إليّ أشكرْك"، قال العبّاس بن مِرْداس [من الكامل]:

إذ ما أتَيتَ على الرَّسُول فَقُل له ... حَقًّا عليك إذا اطْمأنَّ المَجْلِسُ (٢)

وقال عبد الله السَّلُوليّ [من الطويل]:

٩٨٨ - إذما تَرَيْني اليومَ أُزجِي مَطِيَّتِي ... أُصعدُ سَيْرًا في البلاد فأفرعُ

[فإني من قومٍ سِواكُم وإنما ... رجاليَ فَهمٌ بالحِجازِ وأَشْجَعُ]


(١) البقرة: ١٤٤.
(٢) تقدم بالرقم ٦٣٦.
٩٨٨ - التخريج: البيتان لعبد الله بن همام السلولى في الأزهية ص ٩٨؛ وخزانة الأدب ٩/ ٢٩، ٣٣؛ ولسان العرب ٣/ ٢٥٢ (صعد).
اللغة: الإزجاء: السَّوْق. الظعينة: المرأة ما دامت في الهَودج. وصَعَّد في الوادي تصعيدًا: انحدر فيه، بخلاف الصعود، فإنه الارتفاع، وأفْرَع إِفراعًا: صَعَدَ وارتفع.
المعنى: إِذما تريني اليوم جَوَّابًا الآفاق، فإِني من قوم غيركم، وهم بنو فهم وبنو أَشجع المقيمون في الحجاز.
الإعراب: "إذ ما": حرف شرط جازم مبني على السكون لا محل له من الإعراب. "تريني": فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. "اليوم": مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بالفعل "تريني". "أزجي": فعل مضارع مرفوع بضمة مقدّرة على الياء، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنا. "مَطيَّتي": مفعول به منصوب بفتحة مقدَّرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف. والياء: ضمير متصل مبنىّ في محل جرّ مضاف إليه. "أُصَعدُ": فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستّر فيه وجوبًا تقديره: أنا. "سيراً": مفعول مطلق منصوب، وعامله الفعل "أصعد"، ويجوز إعرابه حالاً. "في البلاد": جار ومجرور متعلّقان=

<<  <  ج: ص:  >  >>