للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: "سميتُه بزيد"، و"كنيته بأبي بكر"، فإنه يجوز التوسّع فيه بحذف حرف الجر بقولك: "سمّيته زيدًا"، و"كنيته أبا بكر". وكل ما كان من ذلك فإنه يجوز فيه التقديم والتأخير، نحوُ: "أعطيت زيدًا درهمًا"،و"أعطيت درهمًا زيدًا"، و"زيدًا أعطيت درهمًا". كل ذلك جائز؛ لأنه لا لبس فيه من حيث كان الدرهم لا يأخذ زيدًا. فإن كان الثاني ممّا يصح منه الأخذُ، نحوَ: "أعطيت زيدًا عمرًا"، وجب حفظُ المرتبة؛ لأنّ كل واحد منهما يصح منه الأخذُ.

وأما الثاني وهو ما يتعدّي إلى مفعولين، ويكون الثاني هو الأول في المعنى، وهذا الصنفُ من الأفعال لا يكون من الأفعال التي تنفذ منك إلى غيرك، ولا يكون في الأفعال المؤثرة، إنما هي أفعالٌ تدخل على المبتدأ والخبر، فتجعل الخبرَ يقينًا أو شكًّا. وتلك سبعةُ أفعال، وهي: حسبت، وظننت، وخِلْت، وعلمت، ورأيت، ووجدت، وزعمت. فـ"حسبت"، و"ظننت"، و"خلت" متواخيةٌ؛ لأنها بمعنى واحد، وهو الظنّ، و"علمت"، و"رأيت"، و"وجدت" متواخية؛ لأنّها بمعنى واحد، وهو اليقين، و"زعمت" مفردٌ؛ لأنه يكون عن علم وظن، وذلك قولك: "حسبت زيدًا أخاك"، و"ظنّ زيد محمدًا عالمًا"، و"خلت بكرًا ذا مالٍ"، و "علمت جعفرًا ذا حفاظ"، و"وجدت اللهَ غالبًا"، و"زعمت الأمير عادلًا". فهذه الأفعال المفعولُ الثاني من مفعولَيها هو الأول في المعنى، ألا ترى أن زيدًا هو الأخ في قولك: "حسبت زيدًا أخاك"، وكذلك سائرها.

وإنما كان كذلك؛ لأنها داخلة على المبتدأ والخبر، وخبرُ المبتدأ إذا كان مفردًا، كان هو المبتدأ في المعنى، والذي يدل أنها داخلة على المبتدأ والخبر أنك لو أسقطت الفعل والفاعل، لعاد الكلام إلى المبتدأ والخبر، نحوِ قولك: "زيدٌ أخوك"، و"محمّدٌ عالمٌ" بخلافِ "أعطيت زيدًا درهما"؛ لأنّ المفعول الثاني في "أعطيت" غير الأول، فلا يكون خبرًا. ولكونها داخلة على المبتدأ والخبر، لم يجز الاقتصار على أحدهما دون الآخر، وذلك أنك إذا قلت: "ظننت زيدًا منطلقًا"، فإنّما شككت في انطلاق زيد، لا


= الإعراب: "أستغفر": فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. "الله": اسم الجلالة مفعول به أوّل. "ذنبًا":مفعول به ثانٍ."لست": فعل ماضٍ ناقص. والتاء: ضمير في محل رفع اسم "ليس". "محصيه": خبر "ليس" منصوب، وهو مضاف. والهاء: ضمير في محل جرّ بالإضافة. "ربّ": بدل من "الله" منصوب، أو نعت "الله" منصوب، وهو مضاف. "العباد": مضاف إليه مجرور. "إليه": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر المبتدأ تقديره "حاصل"."الوجه": مبتدأ مؤخر مرفوع. "والعمل": الواو: حرف عطف، "العمل": معطوف على "الوجه" مرفوع.
وجملة "أستغفر الله" الفعلية: لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "لست محصيه" الفعلية: في محل نصب نعت "ذنبًا". وجملة "إليه الوجه والعمل" الاسميّة: في محل نصب حال من "الله".
والشاهد فيه قوله: "أستغفر الله ذنبًا" حيث حذف الجارّ من ثاني مفعولي "أستغفر" الذي تعدى إليه بواسطة الحرف، والأصل: أستغفر الله من ذنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>