للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- الإكثار من الاستشهاد بالشواهد الشعريّة التي بلغت واحدًا وأربعين وأربعمئة، وقد كرَّر بعضها.

د- الاستشهاد بالأمثال والأقوال العربية، ولكن بنسبة تقلّ كثيرًا عن استشهاده بالآيات القرآنية والشواهد الشعريّة.

وهو، في تناوله المسائل النحوية، بصريّ المذهب عمومًا مع اعتماد كبير على سيبويه ومتابعة لآرائه. ومن ذلك متابعته له في أنّ الفعل الثاني هو العامل في باب التنازع (١)، وأن "زيدًا" في قولك: "هل زيد قام؟ " فاعل لفعل محذوف يُفسره الفعل المذكور، لا مبتدأ كما ذهب الكوفيون (٢)، وأن متلوّ "لولا" في نحو: "لولا عليّ لسافرت" مبتدأ خبره محذوف، وفي أن خبر "إن" وأخواتها مرفوع بهذه الحروف بما كان مرتفعًا به قبل دخول "إنّ" كما زعم الكوفيّون (٣)، وفي أنّ الناصب للمنادى ما ينوب عنه حرف النداء، مثل "أريد"، و"أدعو" (٤). وهذا الالتزام للمذهب البصري جعله يعبر عن نفسه وعن البصرين بضمير المتكلمين، يقول مثلاً، في فصل لام الابتداء: "ويجوز عندنا" "إنّ "زيدًا لسوف يقوم" ولا يجوِّزه الكوفيّون" (٥)؛ كما أنّه يشير أحيانا إلى البصريين بأنهم أصحابه (٦).

ومع هذا الالتزام، نراه يختار أحيانًا رأي الكوفيّين، فقد وافقهم في زيادة الفعل "حدَّث" على الأفعال المتعدِّية إلى ثلاثة مفاعيل، كقول الحارث بن حلِّزة اليشكريّ [من الخفيف]:

إنْ منَعْتُم ما تُسْألون فَمَن حُدْ ... دثْتُموهُ لهُ علينا العلاء (٧)

وفي أن يكون البدل والمبدل منه نكرة (٨)، كما في الآية: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} (٩)، وفي فصل حرف التعليل "أي" قال: "اختلف النحويون في إعراب "ما" في "فيمه" و"عمه" و"لمه"، فهي عند البصريّين مجرورة، وعند الكوفيّين منصوبة بفعل مضمر، كأنك قلت: "كي تفعل ماذا"، وما أرى هذا القول بعيدًا عن الصواب" (١٠).

وقد يختار بعض آراء أصحاب المدرسة البغدادية، كموافقته مثلاً أبا عليّ الفارسيّ في أنّ "ما" في مثل "نعمّا محمَّد" نكرة تامّة منصوبة على التمييز (١١).

وإلى جانب اختياراته الكوفيّة والبغداديّة نراه أحيانًا ينفرد بآراء، ومنها ذهابه


(١) المفصل ص ٤٨.
(٢) المفصل ص ٥١.
(٣) المفصل ص ٥٧.
(٤) شرح المفصل ص ٦٧.
(٥) المفصل ص ٤٢٧.
(٦) المفصل ص ٥٧.
(٧) المفصل ص ٣٣٠.
(٨) المفصل ص ١٥٥ - ١٥٦.
(٩) النور: ٣٥.
(١٠) المفصل ص ٤٢١.
(١١) المفصل ص ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>