للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذهب الفراء إلى أنّ "حَبَّ" أصله "حَبُبَ" على وزن "فَعُلَ" مضمومَ العين كَـ "كرُمَ"، واستدلّ بقولهم: "حَبِيبٌ"، و"فَعِيلٌ"، بابُه (١) "فَعُلَ" كـ "ظريف" من "ظُرف"، و"كريم"، من "كرُم". والصواب ما ذكرناه؛ لأنه قد جاء متعدّيًا، و"فَعُلَ" لا يكون متعدّيًا. فأمّا قولهم: "حَبِيبٌ"، فلا دليلَ فيه, لأنه هنا مفعول، فـ "حبيبٌ" و"محبوبٌ" وا حد، فهو كـ "جريح" و"قتيل"، بمعنى "مجروح"، و"مقتول". و"حبيب" مِن "حبّ" إذا اْريد به المدح فاعلٌ كـ "ظريفٍ"، و"حبّ" فعل متصرّف، لقوله منه: "حَبَّهُ يَحِبّه" بالكسر. وهو من الشاذّ؛ لأن "فَعَلَ" إذا كان مضاعفًا متعدّيًا، فمضارعُه "يفعُل" بالضمّ، نحوُ: "رَدَّه يَرُدّه"، و"شَدَّه يشُدّه". وقالوا في المفعول: "محبوبٌ"، وقيل "حابٌّ" وكثُر "مُحِبٌّ" في اسم الفاعل، وقيل "مُحَبٌّ" (٢).

ولمّا نُقل إلى "فَعُلَ" لأجل المدح والمبالغة كما قالوا: "قَضوَ الرجلُ"، و"رَمو" إذا حذق القضاء , وأجاد الرمي, منع التصرف؛ لمضارعته بما فيه من المبالغة والمدح باب التعجب. و"نعم", و"بئس", و"حبّذا", لزم طريقة واحدة, وهو لفظ الماضي.

وفاعله "ذَا"، وهو من أسماء الإشارة يستعمل هنا مجرّدًا من حرف التنبيه؛ وذلك لأنهم لما ركبوا الفعل والفاعل، وجعلوهما شيئًا واحدًا، لم يأتوا بحرف التنبيه؛ لئلّا تفسير ثلاثة أشياء بمنزلة شيء واحد، وليس ذلك من كلامهم، وجعلوا ذلك الاسم مفردًا مذكّرًا إذ كان المفرد أخفَّ، والمذكر قبل المؤنّث، فهو كالأصل له، فلذلك تقول:


= الإعراب: "هجرت": فعل ماضٍ مبنى على الفتح، والتاء للتانيث، "غضوب": فاعل مرفوع بالضمة. "وحب": الواو: للاستئناف، "حب": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح. "من": اسم موصول مبني في محل رفع نائب فاعل. "يتجنب": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقدير: "هو". "وعدت": الواو: حرف عطف، "عدت": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة منعًا لالتقاء الساكنين، والتاء: للتأنيث. "عواد": فاعل مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء المحذوفة للتنوين. "دون": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة، متعلق بـ (عدت)، وهو مضاف. "وليك": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل مبني في محل جرّ مضاف إليه. "تشعب": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: "هي".
وجملة "هجرت": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "حب من": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يتجنب": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "عدت عواد": معطوفة على الجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تشعب": في محل رفع صفة للعوادي.
والشاهد فيه قوله: "حب من" بضم الحاء، أي صار محبوبًا.
(١) في ذيل التصحيحات المرفق بطبعة ليبزغ (ص ١٤٩٧): "وفعيل أنّ بابه ... "، ولا أرى هذا التصحيح صحيحًا.
(٢) كذا في الطبعتين، ولعل الصواب: وقالوا في المفعول: "محبوب"، وقلَّ "مُحَبّ"، وكثر "مُحِبّ في اسم الفاعل، وقيل "حابّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>