للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون كـ "عِثْكالَةٍ"، و"عَثاكيلَ"، وهو رأيُ أبي العَباس. ويضعف من جهة المعنى, لأنه لا يريد أن يكون عليه من اللؤم قطعةٌ، وإنِّما هو هَجْوٌ، والسراويلُ: تمامُ اللباس، فأراد أنّه تامُّ التَّرَدِّي باللؤم.

قال أبو الحسن: من العرب من يجعله واحدًا، فيصرفه، والسماعُ حجّةٌ عليه.

قال أبو عليّ: الوجه عندي أن لا ينصرف في النكرة, لأنّه مؤنّث علي بناءٍ لا يكون في الآحاد، فمن جعله جمعًا، فأمره واضحٌ؛ ومن جعله مفردًا، فهو أعجمىٌّ، ولا اعتدادَ بالأبنية الأعجمية.

وأمّا التركيب فهو من الأسباب المانعةِ من الصرف، من حيث كان المركَّبُ فرعًا على الواحد، وثانيًا له, لأنّ البَسِيط قبل المركب، وهو على وجهين؛ أحدهما: أن يكون من اسمَيْن، ويكون لكلّ واحد من الاسمين معنًى، فيكون حكمُهما حكمَ المعطوف أحدهما على الآخر؛ فهذا يستحقّ البناء لتضمُّنه معنى حرف العطف، وذلك نحو: "خمسَة عشرَ"، وبابِه. ألا ترى أن مدلولَ كل واحد من الخمسة والعشرة مرادٌ؛ كما لو عطفت أحدهما على الآخر، فقلت: "خمسةٌ وعشرة"، فلمّا حذفتَ حرف العطف، وتَضمّن الاسمان معناه، بُنِيَا كما بُني "كَيْفَ"، و"أَيْنَ"، لما تضمّنا معنى همزة الاستفهام: وكما بُني "مَنْ" حين تضمّن معنى حرف الجزاء، وهي "إن".

وأمّا القِسم الثاني، وهو الداخل في بابِ ما لا ينصرف، فهو أن يكون الاسمان كشيء واحد، ولا يدلّ كلُّ واحد منهما على معنى، ويكون موقع الثاني من الأوّل موقعَ هاء التأنيث. فما كان من هذا النوع، فإنّه يجري مجرى ما فيه تاء التأنيث، من أنّه لا ينصرف في المعرفة، نحو"حَضْرَمَوْتَ"؛ تقول: "هذا حضرموتَ"، و"مررت بحضرموتَ"، فلا ينصرف؛ لأنّه معرفة مركَبٌ، والاسمُ الثاني من الصدر بمنزلةِ تاء


=وشرح التصريح ٢/ ٢١٢؛ وشرح شافية ابن الحاجب ١/ ٢٧٠؛ وشرح شواهد الشافية ص. ١٠٠؛ ولسان العرب ١١/ ٣٣٤ (سرل)؛ والمقتضب ٣/ ٣٤٦؛ وهمع الهوامع ١/ ١٥.
اللغة: السروالة: قطعة، أو خرقة. اللؤم: شُحُّ النفس ودناءة الآباء.
المعنى: يريد أنّه رجل لئيم لا يَحِنُّ قلبه على أحد وإن كان ضعيفًا طالبًا العطف.
الإعراب: "عليه": جار ومجرور متعلقان بالخبر المقدم. "من اللؤم": جار ومجرور متعلقان بحال من "سروالة". "سروالة": مبتدأ مؤخر "فليس": الفاء: حرف استئناف، "ليس": فعل ماض ناقص، واسمه مستتر تقديره: هو. "يرق": فعل مضارع مرفوع، فاعله مستتر تقديره: هو. "لمستعطف": جار ومجرور متعلقان بـ "يرق".
جملة "عليه سروالة": ابتدائية لا محل لها، من الإعراب، وجملة "ليس يرق" استئنافية لا محل لهما من الإعراب، وخبر "ليس" محلها النصب.
والشاهد فيه: أن "السراويل" عربيٌ، وهو جمع سروالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>