بدخول الألف واللام عليه، وذلك كـ "الإبْرِيسَم"، و"الديباج"، و"الفِرِنْد"، و"اللجام"، و"الإِستبْرَق"، فهذا النوعُ من الأعجميّ جارٍ مجرى العربيّ، يمنعه من الصرف ما يمنعه، ويُوجبه له ما يوجبه.
والثاني: من المعرَّب ما نُقل عَلَمًا، نحو:"إسحاق"، و"يَعْقُوبَ"، و"فِرْعَوْنَ"، و"هَامَانَ"، و"خُتْلُخَ"، و"تَكِينَ"؛ فهذه في لغتها الأعجميّة أعلامٌ، والأعلامُ معارفُ، والمعرفةُ أحدُ الأسباب المانعة من الصرف، وقد عُرّبت بالنقل، فزادها ذلك ثِقلًا.
والأسماء الأعجميّة تُعْرَف بعلاماتٍ؛ منها: خروجها عن أبنية العرب، نحو:"إسماعيل"، و"جِبْرِيلَ". ومنها: مُقارَبَةُ ألفاظِ العجم، إلَّا أنها غُيرت إلى المُعْرَبة، نحو:"أَبْرَاهام" إذ قالوا: "إِبْراهِيمُ" على الإخلاص. ومنها: تركُ الصرف، نحو:"إبْلِيسَ"، ولو كان عربيًّا لانصرف. ومن زعم أنّه من "أَبْلَسَ"، إذا يَئِسَ، فقد غلط؛ لأنّ الاشتقاق لا يكون في الأسماء الأعجميّة.
وأمّا الألف والنون المضارعتان لألفي التأنيث، فهي من الأسباب المانعة من الصرف، من حيث كانتا زائدتَيْن، والزائدُ فرغٌ على المَزِيد عليه. وهما مع ذلك مضارعتان لألفي التأنيث، نحو:"حَمْراءَ"، و"صَحراءَ"، والألف في "حمراء" و"صحراء" يمنع الصرفَ، فكذلك ما أشبَهه، وذلك نحو:"عَطْشانَ"، و"سَكْرانَ"، و"غَرْثان"، و"غَضْبانَ"، واعتبارُه أن يكون "فَعْلَانَ"، ومؤنّثُه "فَعْلَى"، نحو قولك في المذكّر:"عَطْشانُ"، وفي المؤنّث:"عَطْشَى"، و"سَكْرانُ"، وفي المؤنّث:"سَكْرَى"، و"غَرْثانُ"، وفي المؤنّث:"غَرْثَى"؛ لا تقول:"سَكْرانَة"، ولا "عطشانة"، ولا "غرثانة" في اللغة الفُصْحَى. وإنّما قلنا:"فَعْلَانُ"، ومؤنّثه "فَعْلَى"، احترازًا من "فَعْلَان" آخر، لا "فَعْلَى" له في الصفات. قالوا:"رجل سَيْفان"، للطويل الممشوقِ؛ وقالوا:"امرأة سَيفانةٌ"، ولم يقولوا:"سَيْفَى"، وقالوا:"رجلٌ نَدْمانٌ"، و"امرأة ندمانةٌ"، ولم يقولوا:"نَدْمَى". فهذا ونحوه مصروفٌ لا محالة.
ووجه المضارعة بين الألف والنون في "سكران" وبابه، وبين ألفي التأنيث في:"حمراء"، و"قصباء"؛ أنهما زِيدتَا زَيْدًا معًا، كما أنّهما في "حمراء" كذلك؛ وأنّ الأوّل من الزائدَيْن في كل واحد منهما ألفٌ؛ وأنّ صيغة المذكّر فيهما مخالفةٌ لصيغة المؤنّث؛ وأنّ الآخر من كلّ واحد منهما يمتنع من إلحاق تاء التأنيث. فكما لا تقول في "حمراء"، و"صفراء": "حمراءةٌ، وصفراءةٌ"، كذلك لا تقول في "عطشان": "عطشانةٌ"، ولا في:"غضبان": "غضبانةٌ". بل تَقول في المؤنّث:"غَضْبَى"، و"عَطْشَى".
وقولنا:"في اللغة الفُصْحَى" احترازٌ عمّا رُوي عن بعض بني أسدٍ: "غضبانةٌ"، و"عطشانةٌ"، فألحق النون تاء التأنيث، وفرق بين المذكّر والمؤنث بالعلامة، لا بالصيغة.