للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقياس هذه اللغة الصرف في النكرة كـ "ندمانٍ"، فتقول: "هذا عطشانٌ"، و"رأيت عطشانًا"، و"مررت بعطشانٍ".

وأمّا الأعلام، نحو: "مَرْوانَ"، و"عَدْنانَ"، و"غيْلانَ"، فهي أسماءٌ لا تنصرف للتعريف وزيادة الألف والنون. واعلم أن هذه الألف والنون في هذه الأعلام، وما كان نحوها، محمولاتٌ على باب "عطشانَ"، و"سكران"، لقُرْب ما بينهما، ألا ترى أنّهما زائدتان كزيادتهما، وأنه لا يدخل عليها تاءُ التأنيث؛ لا تقول: "مروانةْ"، ولا "عدنانةٌ"، لأن العلمية تحظُر الزيادة، كما تحظر النقص. وليس المانعُ من الصرف كونه على زنةِ "فَعْلَان"، ألا ترى أنّ "عُثْمان"، و"ذُبْيان"، و"سُفْيان" حكمها حكم "عَدْنان "، و"غَيْلان".

فإن قيل: فأنت تقول: "سَلْمان"، و"سَلْمَى"، فهلّا كان كـ "عَطْشان"، و"عطْشى" قيل: ليس "سلمان، وسلمى"، من قبيل "عطشان، وعطشى"؛ إنّما ذلك من قبيلِ تَلاقِي اللغة، وأمرٌ حصل بحكم الاتّفاق، لا أئه كان مقصودًا. وقد كثرت زيادة الألف والنون آخرًا على هذا الحدّ، فإن جُهل أمرُها في موضعٍ، قُضي بزيادة النون فيه، إلى أن تقوم الدلالةُ بخلافه؛ فإن سمّيت رجلًا بـ "سِرْحانٍ"، أو امرأةً، منعتَه الصرف؛ لانّه صار حكمه حكمَ "عَدْنانَ"، و"ذُبْيانَ". فإن نكّرته، انصرف لا محالةَ. فإن سمّيت بـ "رُمّانٍ"؛ فسيبويه والخليلُ لا يصرفانه (١)، ويحكمان على الألف والنون بالزيادة، حملًا على الأكثر؛ وأبو الحسن يصرفه، ويحملها على أنّها أصلٌ، وحجّته أنّه قد كثُر في النَّبات "فُعَّالٌ"، نحو: "سُمّاقٍ"، و"حُمّاضٍ"، و"عُنّابٍ"، و"جُمّارٍ".

* * *

وقوله: "إلَّا إذا اضُطر الشاعر فصرف"؛ يعني أنّ الاسم إذا اجتمع فيه سببان من الأسباب التسعة، امتنع من الصرف، ولم يجز صرفُه، إلا في ضرورة الشعر، فإنّ ضرورة الشعر تُبيح كثيرَا ممّا يحظره النَّثْرُ، واستعمالَ ما لا يسوغ استعمالُه في حال الاختيار والسعة. فجميعُ ما لا ينصرف يجوز صرفُه في الشعر لإتمام القافية، وإقامة وزنه (٢) بزيادة التنوين. وهو من أحسن الضرورات, لأنّه رَدٌّ إلى الأصل، ولا خِلافَ في ذلك، إلَّا ما كان في آخره ألفُ التأنيث المقصورةُ، فإنّه لا يجورُ صرفه للضرورة, لأنّه لا ينتفع بصرفه لأنّه لا يسُدّ ثُلْمَة في البيت من الشعر، وذلك أنك إذا نوّنت مثلَ "حُبْلَى"، و"سَكْرَى"، فقلت: "حُبْلى"، و"سَكْرى"، فتحذف ألف التأنيث لسكونها، وسكون التنوين، بعدها، فلم يحصل بذلك انتفاعٌ, لأنّك زدتَ التنوين، وحذفت الألف، فما ربحت إلَّا كَسْوَ قياسٍ، ولم تَحظَ بفائدة.

واعلم أنّك إذا نوّنت اسمًا غير منصرف ضرورةً، جررته أيضًا؛ لأنّك تردّه إلى


(١) الكتاب ٣/ ٢١٨.
(٢) في الطبعتين: "وزنها"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص ٩٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>