للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا كانت هذه الحروف عاملة للجرّ، من قبل أن الأفعال التي قبلها ضعُفت عن وُصولها وإفضائها إلى الأسماء التي بعدها كما يُفْضِي غيرُها من الأفعال القوية الواصلة إلى المفعولين بلا واسطةِ حرف الإضافة، ألا تراك تقول: "ضربتُ عمرًا"، فيُفْضِي الفعلُ بعد الفاعل إلى المفعول، فينصب, لأن في الفعل قوّةً أفضتْ إلى مباشرة الاسم. ومن الأفعال أفعالٌ ضعُفت عن تجاوُز الفاعل إلى المفعول، فاحتاجت إلى أشياءَ تستعين بها على تناوُله والوصول إليه، وذلك نحوُ: "عجبتُ"، و"مررت"، و"ذهبت". لو قلت "عجبت زيدًا"، أو "مررت جعفرًا"، أو "ذهبت محمّدًا"، لم يجز ذلك لضعف هذه الأفع الذي العُرْف والاستعمال عن إفضائها إلى هذه الأسماء. على أن ابن الأعرابيّ قد حكى عنهم: "مررت زيدًا"، كأنه أعمله بحسب اقتضائه، ولم ينظر إلى الضعف، وهو قليل شاذّ. وأنشدوا [من الوافر]:

١٠٦٦ - تَمُرّون الديارَ ولم تَعُوجُوا ... كلامُكُمُ عَلَيَّ إذًا حَرامُ


= وجملة "لا يصلح الناس": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لا سراة لهم": في محلّ نصب حال. وجملة "لا سراة موجودون": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ساد جهالهم": في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة "سادوا": تفسيرية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "الناس فوضى" بمعنى أتهم متساوون لا رئيس لهم.
١٠٦٦ - التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص ٢٧٨؛ والأغاني ٢/ ١٧٩؛ وتخليص الشواهد ص٥٠٣؛ وخزانة الأدب ٩/ ١١٨، ١١٩، ١٢١؛ والدرر ٥/ ١٨٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣١١؛ ولسان العرب ٥/ ١٦٥ (مرر)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٦٠؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ١٤٥، ٨/ ٢٥٢؛ وخزانة الأدب ٧/ ١٥٨؛ ورصف المباني ص٢٤٧؛ ومغني اللبيب ١/ ١٠٠، ٢/ ٤٧٣؛ والمقرب ١/ ١١٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ٨٣.
اللغة: عاج: مال، أو أقام.
المعنى: يقول الشاعر لأصحابه إذا مرّوا بديار الحبيبة ولم يميلوا فإنّه سيقطع علاقته بهم، ولن يكلّمهم بعد ذلك.
الإعراب: "تمرّون": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو: ضمير في محل رفع فاعل. "الديار": مفعول به منصوب بنزع الخافض تقديره: "تمرّون بالديار". "ولم": الواو حالية، "لم": حرف جزم. "تعوجوا": فعل مضارع مجزوم بحذف النون، والواو: ضمير في محلّ رفع فاعل، والألف: للتفريق. "كلامكم": مبتدأ مرفوع بالضمّة، وهو مضاف، و"كم": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه "عليّ": جارّ ومجرور متعلقان بـ "حرام". "إذًا": حرف جواب. "حرام": خبر المبتدأ مرفوع بالضمّة.
جملة "تمرّون": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لم تعوجوا": في محلّ نصب حال. وجملة "كلامكم علي حرام": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "تمرّون الديار" حيث حذف حرف الجرّ، وأوصل الفعل اللازم إلى المجرور فنصبه، وهذا شاذ. وأصل الكلام "تمرّون بالديار".

<<  <  ج: ص:  >  >>