للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُكّر؛ فإن سيبويه يمنع من صرفه بعد تنكيره (١)، كما كان يمنعه في حالِ تعريفه؛ إلَّا أنّ المانع من الصرف مختلِفٌ؛ ففي حال التعريفِ المانعُ من الصرف التعريفُ ووزنُ الفعل، وفي حال التنكير شَبَهُه بحاله قبل التسمية.

وذهب أبو الحسن الأخفش إلى صرفه, لأنّه بالتسمية فارَقَ الصفة، وعرض فيه التعريفُ ووزنُ الفعل، على ما ذُكر. فإذا نُكّر، زال التعريفُ، وبقي فيه عِلّةٌ واحدةٌ، وهي الوزنُ وحده، فانصرف.

وأرى القياسَ ما قاله أبو الحسن، وكذلك ما كان نحوه، مثلَ: "سَكْرانَ، وعَطْشانَ"، إذا سمي بشيء من ذلك، ثم نُكر، فهو على الخلاف.

قال صاحب الكتاب: "وما فيه سببان من الثلاثي الساكن الحشو- "كـ "نوح", و"لوط"- منصرفٌ في اللغة الفصيحة التي عليها التنزيل, لمقاومة السكون أحد السببين. وقوم يجرونه على القياس, فلا يصرفونه. وقد جمعهما الشاعر في قوله [من المسرح]:

١٢٠ - لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعدٌ ولم تسق دعد في العلب

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ ما كان ساكن الوسط من الثلاثيّ المؤنّث، إذا كان معرفة، فالوجهُ منعُه الصرفَ، لاجتماع السببين. وقد يصرفه بعضُهم لخفته بسكون وسطه، فكأنّ الخفة قاوَمَتْ أحدَ السببَيْن، فبقي سببٌ واحدٌ، فانصرف عند هؤلاء. وفيه رَدٌّ إلى الأصل. وقد أنشد قول جَرِيرٍ:

لم تتلفّعْ بفضل ... إلخ


(١) الكتاب ٣/ ١٩٣، ١٩٨.
١٢٠ - التخريج: البيت لجرير في ملحق ديوانه ص ١٠٢١؛ ولسان العرب ٣/ ١٦٦ (دعد)، ٩/ ٣٢١ (لفع)؛ ولعُبيد الله بن قيس الرقيّات في ملحق ديوانه ص ١٧٨؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٢٨٢؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٣٩٥؛ والخصائص ٣/ ٦١؛ وشرح الأشموني ٢/ ٥٢٧؛ وشرح قطر الندى ص ٣١٨؛ والكتاب ٣/ ٢٤١؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص٥٠؛ والمنصف ٢/ ٧٧. الاعراب: "لم": حرف جزم. "تتلفّع": فعل مضارع مجزوم. "بفضل": جار ومجرور متعلّقان بـ "تتلفّع"، و"فضل": مضاف. "مئزرها": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة. "دعد": فاعل مرفوع. "ولم": الواو: حرف عطف، "لم": حرف جزم "تسق": فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بحذف حرف العلّة من آخره. "دعد": نائب فاعل مرفوع. "في العلب": جار ومحرور متعلّقان بـ "تسق".
وجملة "لم تتلفّع ... ": لا محل لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة. وجملة "لم تسق ... ": معطوفة على جملة "لم تتلفّع" لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه: صَرْف "دعد"، ومنعها من الصرف، وكلا الأمرين جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>