للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالملفوظ به، وصار "إنّ زيدًا قائمٌ"، و"زيدٌ قائمٌ" في المعنى واحدًا، فجاز لذلك الأمران: النصب والرفع، فالنصبُ على اللفظ، والرفع على المعنى.

وقول صاحب الكتاب: و"لأنّ محلّ المكسورة وما عملتْ فيه الرفع جاز في قولك: إنَّ زيدًا ظريفٌ وعمرًا ... أن ترفع المعطوف" ليس بسديد؛ لأنّ "إنّ" وما عملتْ فيه ليس للجميع موضعٌ من الإعراب؛ لأنه لم يقعْ موقع مفرد، وإنّما المراد موضعُ "إنَّ" قبل دخولها، على تقديرِ سقوط "إنَّ" وارتفاعِ ما بعدها بالابتداء، وهو شبيهٌ بقوله [من الطويل]:

ولا ناعِبٍ إلَّا ببَيْنٍ غُرابُها (١)

على توهُّم دخول الباء في المعطوف عليه، إذ كان تقع فيه كثيرًا، كما تُوهّم سقوطُ "إنَّ" ههنا، فأما قوله [من الكامل]:

إنّ الخلافة ... إلخ

البيت لجرير، والشاهد فيه رفع "المكرمات" حملًا على موضعِ "إنَّ"؛ لأنها بمنزلة الابتداء, لأنها لم تُغيِّر معناه، فقدّرها محذوفةً، كأنّه قال: "الخلافةُ والنبوّةُ فيهم، والمكرماتُ وسادةٌ أطهارٌ". والنصب جائز على اللفظ.

* * *

قال صاحب الكتاب: وفيه وجه آخر ضعيفٌ, وهو عطفه على ما في الخبر من الضمير.

* * *

قال الشارح: يريد أن العطف على الضَمير المرفوع من غير تأكيده ضعيفٌ قبيحٌ، وقد تقدّمت قاعدةُ ذلك.

* * *

قال صاحب الكتاب: و"لكن" تشايع "إن" في ذلك دون سائر أخواتها. وقد أجرى الزجاج الصفة مجرى المعطوف, وحمل عليه قوله: {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} (٢). وأباه غيره. وإنما يصح الحمل على المحل بعد مضي الجملة فإن لم تمض لزمك أن تقول "إن زيداً وعمراً قائمان" بنصب "عمرو" ولا غير.

* * *

قال الشارح: ويجوز العطف على موضعِ: "لكِنَّ" بالرفع، كما جاز في "إنَّ"، تقول: "لكنّ زيدًا قائمٌ وعمرٌو". و"لكِنَّ" لا تُغيِّر معنى الابتداء، فهي وسيلةُ "إنَّ" في ذلك أكثرَها


(١) تقدم بالرقم ٢٦٩.
(٢) سبأ: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>