للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله منطلقٌ"، و"ها افعل كذا"، كأنّه تنبيه المخاطَب للمُخبَر أو المأمورِ. وأمّا البيت الذي أنشده، وهو [من البسيط]:

ها إِن تا عذرة ... إلخ

ويروى "إن لم تكن قُبلت"، وهو للنابغة. الشاهد فيه إدخالُ "ها" التي للتنبيه على "إن". والعُذْرُ والمَعْذِرة والعُذرَى واحد، والعِذرهْ بالكسرة كالرِّكْبة والجِلسة بمعنى الحالة. قال الشاعر [من الوافر]:

١١٤٧ - تَقبلَ عِذْرَتي وحَبَا بدُهْمٍ ... يُصِم حَنينُها سَمْعَ المنادَى

وأما قول الآخر [من الطويل]:

نحن اقتسمنا المال ... إلخ

فإن البيت للَبِيد، والشاهد فيه قوله: "هذا لها ها وذا ليا". يريد: وهذا ليا. وإنما جاز تقديم "ها" على الواو؛ لأنك إذا عطفت جملة على أُخرى، صارت الأُولى كالجُزء من الثانية، فجاز دخول حرف التنبيه عليها، نحو قولك. "ألا وإن زيدًا قائمٌ"، "ألا وإن عمرًا مُقِيمٌ".

وأمّا "ألا"، فحرفٌ معناه التنبيه أيضًا، نحو قولك: "ألَا زيدٌ قائم"، و"ألا إِن زيدًا قائم". قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (١). وهي مركّبة من الهمزة و"لا" النافية، مغيَّرةً عن معناها الأولِ إلى التنبيه، ولذلك جاز


١١٤٧ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة والمعنى: عذرتى: عذري. حبا: سار على ركبتيه. الدهم: جمع الأدهم والدهماء وهو الأسود من الخيل، وما اشتدت وُرقتها من الإبل حتى ذهب بياضها. حنين الناقة: صوتها.
لقد قبل عذري وانطلق يقول إبلًا (أو خيلاً) يطغى صوتها على سمع المنادي فلا يسمع النداء.
الإعراب: "تقبل": فعل ماضٍ مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. "عذرتي": مفعول به منصوب بفتحة مقدّرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء: ضمير متصل مبني في محل جرّ مضاف إليه. "وحبا": الواو: حرف عطف، "حبا": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذّر، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو"بدهم": جار ومجرور متعلّقان بالفعل قبلهما. "يصمّ": فعل مضارع مرفوع بالضمة. "حنينها": فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبنى في محلّ جرّ مضاف إليه. "سمعَ". مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "المنادى": مْضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف لتعذر.
وجملة "تقبل": ابتدائية لا محل لها من الإعراب، وعطف عليها جملة "حبا". وجملة "يصم حنينها": في محل جرّ صفة لـ"دهم".
والشاهد فيه قوله: "تقبل عذرتي" حيث أراد بالعذرة (على وزن الجلسة) العذر والمعذرة والعذرى.
(١) يونس: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>