للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأن يجوز قطعُ الهمزة التي هي مختلَفٌ في أمرها، وهي مفتوحةٌ كالهمزة التي لا تكون إلَّا قطعًا نحوِ همزةِ "أحْمَرَ" و"أصْفَرَ"، أوْلى وأجْوَزُ.

فإن قيل: فلِمَ كان حرف التعريف حرفًا واحدًا ساكنًا؟ فالجوابُ أنّهم أرادوا مَزْجَه بما بعده لِما يُحْدِثه فيه من المعنى، فجعلوه على حرف واحد؛ ليضعف عن انفصاله ممّا بعده، وأسكنوه ليكون أبلغ في الاتصال؛ لأنّ الساكن أضعفُ من المتحرّك.

واعلم أنّ لام التعريف تشتمل على ثلاثة أنواع: تكون لتعريف الجنس، ولتعريف العهد، ولتعريف الحضور.

فأما تعريف الجنس، فأن تدخل اللام على واحد من الجنس لتعريف الجنس جميعِه لا لتعريف الشخص منه، وذلك نحو قولك: "المَلَكُ أفضلُ من الإنسان"، و"العَسَلُ حُلْو"، و "الخَلُّ حامضٌ"، و"أهلك الناس الدرهم والدينار". فهذا التعريف لا يكون عن إحاطةٍ به؛ لأن ذلك متعذَّرٌ؛ لأنّه لا يمكن أحدًا أن يُشاهِد جميعَ هذه الأجناس، وإنّما معناه أن كل واحد من هذا الجنس المعروف بالعقول دون حاسّة المشاهدة أفضلُ من كل واحد من الجنس الآخر، وأنّ كلّ جزء من العسل الشائع في الدنيا حلوٌ، وأن كلّ جزء من الخل حامضٌ.

فأمّا تعريف العهد، فنحوُ قولك: "جاءني الرجلُ"، تخاطب بهذا مَن بينك وبينه عهدٌ في رجلٍ تشير إليه، ولولا ذلك لم تقل: "جاءني الرجلُ"، ولقلتَ: "جاءني رجلٌ". وكذلك: "مرّ بي الغلامُ"، و"ركبتُ الفرسَ" كلُّها معارفُ؛ لإشارتك إلى أشخاصٍ معيّنةٍ، فأدخلتَ عليها الألفَ واللامَ لتعريف العهد، ومعنى العهد أن تكون مع إنسان في حديثِ رجل أو غيرِه، ثمّ يُقْبِل ذلك، فتقول: "وافى الرجلُ"، أي: الذي كنّا في حديثه وذكرِه قد وافى.

وأمّا تعريف الحضور، فهو قولك لمن لم تره قطّ، ولا ذكرتَه: "يا أيُّها الرجلُ أقْبِل"، فهذا تعريفٌ لإشارتك إلى واحد بعينه، ولم يتقدّمه ذكرٌ ولا عهدٌ.

وأمّا الألف واللام في "الَّذِي" و"الَّتِي"، فهي لتعريف اللفظ وإصلاحِه لأن يكون وصفًا للمعرفة، وإنّما هما زائدان، وحقيقةُ التعريف بالصلة، ألا ترى أن نظائرها من نحو "مَنْ"، و"ما" كلّها معارفُ، وليست فيها لامُ المعرفة؟ ويؤكّد زيادةَ اللام هنا لزومُها ما


= إن. "وتضييع": الواو: حرف عطف، "تضييع": اسم معطوف على مجرور، مجرور، مثله بالكسرة. "الحديث": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "قمين": خبر إن مرفوع بالضمة.
وجملة "جاوز سر": في محل جر بالإضافة. وجملة "إنه قمين": جواب شرط غير جازم لا محلّ لها، وجملة "إذا جاوز سر ... فإنه قمين": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "الإثنين" حيث قطع ألف "الاثنين" الوصلية للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>