للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليست هذه الكسرةُ في الذال بكسرةِ إعراب، وإن كانت "إذٍ" في موضعِ جرّ بإضافةِ ما قبلها إليها، وإنّما الكسرةُ فيها لالتقاء الساكنين كما كُسرت الهاء في "صَهٍ"، و"مَهٍ" لسكونها وسكونِ التنوين بعدها، وإن اختلف معنى التنوين فيهما، فكان في "إذ" عوضًا، وفي "صَهٍ" عَلَمًا للتنكير. والذي يدلّ أنّ الكسرة في ذال "إذٍ" من قولك: "يومئذٍ"، و"حينئذٍ" كسرةُ بناء لا كسرةُ إعراب قولُ الشاعر [من الوافر]:

نَهَيتُكَ عن طِلابِك أمَّ عَمرٍو ... بعافِيَةٍ وأنتَ إذٍ صَحِيحُ (١)

ألا ترى أن "إذٍ" في هذا البيت ليس قبلها شيءٌ يُضاف إليها، فيُتوهّمَ أنّه مخفوضٌ به؟

فأمّا قولهم: "مررتُ بكلٍّ قائمًا" فقد تقدّم الكلام عليه، وعلى الخلاف فيه, وذلك أنّ منهم مَن جعله تنوين عوض كالذي في "يومئذٍ" ونظائره؛ لأنّ حقّ هذا الاسم أن يُضاف إلى ما بعده، فلمّا قُطع عن الإضافة لدلالةِ كلام قبله عليه، عُوّض التنوين. ومنهم مَن جعله تنوينَ تمكين؛ لأنّ الإضافة كانت مانعة من التنوين، فلمّا قُطع عن الإضافة إليه، دخله التنوينُ, لأنه اسمٌ معربٌ حقّه أن تدخله حركاتُ الإعراب والتنوينُ. وهذا الوجهُ عندي الوجهُ من قبل أنّ هذا العوض إنّما جاء فيما كان مبنيًّا ممّا حقُّه أن يُضاف إلى الجمل، وأمّا المعرب الذي يُضاف إلى مفرد، فلا. وأمّا [من الخفيف]:

لات أوانٍ ... إلخ

فمن قول الشاعر [من الخفيف]:

طَلَبُوا صُلحَنا ولاتَ أوانٍ ... فأجَبْنا أنّ لاتَ حِينَ بَقاءِ (٢)

فإنّ أبا العبّاس المبرّد ذهب إلى أنّ كسرة "أوان" ليست إعرابًا, ولا عَلَمًا للجرّ، والتنوين الذي بعده ليس الذي يتبع حركاتِ الإعراب، وإنّما تقديرُه عنده أنّ "أوانٍ" بمنزلةِ "إذٍ" في أنّ حقّه أن يكون مضافًا إلى الجملة، نحوَ قولك: "جئتُك أوانَ قام زيدٌ، وأوانَ الحَجّاجُ أميرٌ"، فلمّا حذف المضاف إليه من "أوان"، عوّض من المضاف إليه تنوينًا، والنونُ كانت ساكنة كسكون الذال في "إذٍ" فلمّا لقيها التنوينُ ساكنًا، كُسرت لالتقاء الساكنين كما، كُسرت ذالُ "إذ" عند دخول التنوين عليها. وهو قول ضعيف؛ لأنّ "أوانًا" من أسماء الزمان تُضاف تارةً إلى الجملة، وتارةً إلى المفرد. قال الشاعر [من الرجز]:

١١٩٨ - هذا أوانُ الشَّدِّ فاشتَدِّي زِيَمْ


(١) تقدم بالرقم ٤٠١.
(٢) تقدم منذ قليل.
١١٩٨ - التخريج: الرجز لرشيد بن رميض في الأغاني ١٥/ ١٩٩؛ ولسان العرب ٣/ ٢٣٤ (شدد)؛ وللأغلب العجليّ في الحماسة الشَّجريّة ١/ ١٤٤؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٨٣٠؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٠٩؛ ولسان العرب ١٢/ ٢٧٩، ٢٨٠ (زيم). =

<<  <  ج: ص:  >  >>