للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مثل للعرب: "لو ذات سوارٍ لطمتني" (١) , وقوله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} (٢) , علي معني: ولو ثبت. ومنه المثل: "إلا حضيّةٌ فلا أليةٌ" (٣) , أي: إن لا تكن لك في النساء حظيّةٌ فإني غير أليّةٍ".

* * *

قال الشارح: اعلم أن الاستفهام يقتضي الفعلَ، ويطلبه. وذلك من قِبَل أن الاستفهام في الحقيقة إئما هو عن الفعل, لأنّك إنّما تستفهم عمّا تشُكّ فيه، وتجهل عملَه. والشكُّ إنما وقع في الفعل، وأمّا الاسمُ فمعلومٌ عندك. وإذا كان حرفُ الاستفهام إنمّا دخل للفعل، لا للاسم، كان الاختيارُ أن يَلِيَه الفعلُ الذي دخل من أجله. وإذا وقع الاسمُ بعد حرف الاستفهام، وكان بعده فعلٌ، فالاختيارُ أن يكون مرتفعًا بفعلٍ مضمر، دلّ عليه الظاهرُ؛ لأنه إذا اجتمع الاسمُ والفعلُ، كان حملُه على الأصل أوْلى، وذلك نحوُ قولك: "أزيدٌ قام؟ " ورفعُه بالابتداء حسنٌ، لا قُبْحَ فيه, لأن الاستفهام يدخل على المبتدأ والخبر. وأبو الحسن الأخفش يختار أن يكون مرتفعًا بفعل مضمر على ما قلناه. وأبو عمر الجرْميّ يختار أن يكون مرتفعًا بالابتداء, لأنّ الاستفهام يقع بعده المبتدأُ والخبرُ، كما ذكرناه، ولا يفتقر إلى تكلّف تقديرِ محذوف.

وأمّا تمثيلُ صاحب الكتاب بقوله: "هل زيدٌ قام"؟ فلم يمثل بالهمزة، فيقول: "أزيدٌ


= مجرور بالكسرة. "إن": حرف شرط جازم. "ذو": فاعل لفعل مقدر يفسره المذكور بعده، مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "لوثة": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "لانا": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والألف: للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو.
وجملة "قام بنصري معشر خشن": جواب شرط متقدم غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "لان ذو لوثة": جملة فعل الشرط غير الظرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة "لان": تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وجواب الشرط معطوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: إن لان ذو لوثة خشنوا.
والشاهد فيه: إضمار فعل الفاعل "ذو".
(١) ورد المثل في جمهرة الأمثال ٢/ ١٩٣؛ وزهر الأكم ١/ ٧٧؛ والعقد الفريد ٣/ ١٢٩؛ وفصل المقال ص ٣٨١؛ وكتاب الأمثال ص ٢٦٨؛ ولسان العرب ١٢/ ٥٤٣ (لطم)؛ والمستقصى ٢/ ٢٩٧؛ ومجمع الأمثال ٢/ ١٧٤.
يريد: لو لطمتني حرّة ذات حليّ لاحتملت، ولكن لطمتني أَمَة عاطل. يقوله كريم يظلمه دنيّ، فلا يقدر على احتمال ظلمه.
(٢) الحجرات:٥.
(٣) ورد المثل في جمهرة الأمثال ١/ ٦٧؛ والعقد الفريد ٣/ ١٠٥؛ وفصل المقال ص ٢٣٧؛ وكتاب الأمثال ص ١٥٧؛ ولسان العرب ١٤/ ٣٩ (ألا)، ١٨٥ (حظا)؛ ومجمع الأمثال ١/ ٢٠؛ والمستقصى ١/ ٣٧٣.
والحظيّة: الحظوة والمكانة، والأليّة: التقصير. يُضرب في الحثّ على مداراة الناس لنيل ما يُحتاج إليه منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>