للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و [من الرجز]

١٢٠٩ - يا مرحباه بحمار ناجيه

مما لا مُعَرَّجَ عليه للقياس واستعمال الفصحاء. ومعذرة من قال ذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف مع تشبيه هاء السكت بهاء الضمير.

* * *

قال الشارح: اعلم أنه قد يُؤتَى بهذه الهاء لبيان حروف المد واللين، كما يؤتى بها لبيان الحركات، نحوَ: "وَا زَيدَاه"، و"وا عَمرَاه" (١)، و"وَا غُلامَهُوه"، و"وا انقطاعَ ظَهرِهِيه"؛ لئلاّ يُزيل الوقفُ ما فيها من المدّ.

ولا تكون هذه الهاء إلَّا ساكنةً؛ لأنّها موضوعة للوقف، والوقفُ إنّما يكون على الساكن، وتحريكُها لحنٌ وخروجٌ عن كلام العرب؛ لأنه لا يجوز ثباتُ هذه الهاء في الوصل فتحَرِّكَ، بل إذا وصلتَ، استغنيتَ عنها بما بعدها من الكلام. تقول: "وَا زيدَاه"، فإذا وصلتَ قلت: "وا زيدا وعمراه"، فتُلحِق الهاء الذي تقف عليه، وتُسقِطها من الذي تصله، فأمّا قول الشاعر [من الرجز]:

يَا مَرْحَباهُ بحِمارِ عَفرَاء

فإنّ الشعر لعُرْوَةَ بن حِزام العُذريّ. وقول الآخر [من الرجز]:

يا مَرحَباهُ بِحمارِ ناجِيَهْ


١٢٠٩ - التخريج: الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ٣٨٠؛ وخزانة الأدب ٢/ ٣٨٨، ١١/ ٤٦٠؛ والخصائص ٢/ ٣٥٨؛ والدرر ٦/ ٢٤٨؛ ورصف المباني ص ٤٠٠؛ ولسان العرب ١٤/ ٤٠٤ (سنا)؛ والممتع في التصريف ٤٠١/ ١؛ والمنصف ٣/ ١٤٢؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٥٧.
اللغة: ناجية: اسم شخص، وماء لبني أسد، وموضع بالبصرة.
المعنى: يرحَّب الشاعر بحمار هذا الرجل الذي يُدعى ناجية.
الإعراب: "يا": حرف تنبيه، أو حرف نداء، والمنادى محذوف."مرحباه": مفعول مطلق لفعل محذوف، أي: صادف رُحبًا وسعة. والأصل: مرحبًا, ولكن حذف التنوين لنيّة الوقف، ثم بعد أَنْ وصل به الشاعر هاء السكت عن له الوصل، فوصل. "بحمار": جار ومجرور متعلّقان بـ "مرحبًا"، وهو مضاف. "ناجية": مضاف إليه مجرور بفتحة لأنه ممنوع من الصرف، والفتحة مقدرة على التاء المقلوبة هاءً ساكنة للوقف.
وجملة "يا" مع المنادى المحذوف: ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "مرحبًا" مع عامله المحذوف: استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "مرحباه" حيث أثبت هاء السكت في الوصل وحرَّكها، وفي ذلك مخالفتان: إثبات الهاء في الوصل وتحريكها، وقد فسَّر ذلك بإجراء الوصل مجرى الوقف للضرورة، وفسَّر تحريكها بتشبيهها بهاء الضمير المتصل المبني في نحو "له". والزمخشري يعدّ تحريكها لحنًا.
(١) في الطبعتين: "وا زيداه وعَمراه"، وهذا تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>