للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدها، نحو قولك: "هذه عَصًا ورَحًا يا فتى". فإذا وقفتَ، عادت الألف، وكان الوقفُ عليها بخلاف الياء في "قاضٍ"، وذلك قولك: "هذه عَصا" و"رأيت عصا"، و"مررت بعصا". وذلك لخفّة الألف. ألا ترى أنّ من قال في "فَخِذٍ": "فَخْذٌ"، وفي "عَضُدٍ": "عَضْدٌ"، لم يقل في "جَمَلٍ" "جَمْلٌ" لخفّة الفتحة. ويؤيّد ذلك أنّهم يفِرّون من الواو إلى الألف في مثلِ "قالَ"، و"باعَ". وقالوا: "رُضا" في "رُضِيَ"، و"نُها" في "نُهِيَ". فلذلك من استخفافهم الألف أعادوها في الوقف، ولم يفعلوا ذلك في الياء؛ لثقلها. قال الشاعر [من الطويل]:

١٢٢٤ - أَفي كلِّ عامٍ مَأْتَمٌ تَبْعَثُونَهُ ... على مِحْمَرٍ ثَوَّبْتُمُوهُ وما رُضا

وقالوا في "نُهِيَ": "نُها". قال الشاعر [من الكامل]:

١٢٢٥ - إنَّ الغَوِيَّ إذا نُها لم يُعْتِبِ


١٢٢٤ - التخريج: البيت لزيد الخيل الطائى في ديوانه ص ٦٧؛ وخزانة الأدب ٩/ ٤٩٣، ٥٠٠؛ والرد على النحاة ص ١٢٠؛ وسمط اللآلي ص ٤٩٦؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٢١؛ والشعر والشعراء ١/ ٢٩٣؛ ولسان العرب ١٢/ ٤ (أتم)؛ ونوادر أبي زيد ص ٨٠.
اللغة: المأتم: الجماعة من النساء يجتمعن لحزن أو فرح. فرس محمر: هجين يشبه الحمير. ثوبتموه: أعطيتموه أجرًا وثوابًا. رضا: أصلها رُضِي، ثمّ قلبت الياء ألفًا على لغة طيّئ لفتح ما قبلها. المعنى: إنكم تجمعون نساء ليبكين في كل عام على فرس هجين جعلتموه جزاءً لنا على معروف صنعناه لكم.
الإعراب: "أفي كلّ": الهمزة: حرف استفهام، "في كلّ": جار ومجرور متعلّقان بالخبر المقدم المحذوف. "عام": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "مأتم": مبتدأ مرفوع بالضمّة. "تبعثونه": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، والهاء: ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. "على محمر": جار ومجرور متعلّقان بـ "تبعثونه". "ثوبتموه": "ثوَّب": فعل ماضٍ مبني على السكون، و"تم": ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، والواو: للإشباع، والهاء: ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. "وما": الواو: حالية، "ما". نافية. "رضا": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره: هو.
وجملة "في كل عام مأتم": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تبعثونه": في محلّ رفع صفة لـ (مأتم). وجملة "ثوبتموه": في محلّ جرّ صفة لـ "محمر". وجملة "ما رضا": في محلّ نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "رضا" حيث أعاد الألف في الوقف لاستخفافه إيّاها.
١٢٢٥ - التخريج: هو عجز بيت صدرُه كما أشار محقق كتاب "تحصيل عين الذهب": "لزجرتُ قلبًا لا يريعُ إلى الصبا"، وهو لطفيل الغنوي في الكتاب ٤/ ١٨٨؛ ولم أجده في ديوانه.
اللغة: الغَويُّ الضالُّ. ويُعْتِبُ: يعطي العُتْبى، أي الرضا.
المعنى: إنَّ الغاوي الموغل في الضلال إذا نُهي عن ضلاله لا يتخلى عن ضلاله ولا يرجع إلى ما يُرْضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>