الألف، لدخلها حركاتُ الإعراب؟ فلمّا كانت الألفُ في حكمِ ما هو متحرّكٌ بحركة الإعراب، لم يُدْخِلوا عليها الهاء؛ لأنّ هذه الهاء لا تتبع حركة إعراب.
وقوله:"إذا قُصر" أي: "هاؤلاء"، فإنّه إذا قُصِر وُقف بالألف، أو أُلحق الهاء. وأمّا من مَدَّ وهَمَزَ، فإنّه يقف على الهمزة بالسكون.
ولا تتبع هذه الهاء شيئًا من السواكن إلَّا الألفَ لخفائها، فلا يقولون في "هُو"، "هُوهْ" ولا في "هِي": "هِيهْ" على لغة مَن أسكن الواو والياء؛ لأنّ الألف أخفى لبُعْدها، فكانت إلى البيان أحوج.
فأمّا كاف الضمير من نحو "أكرمتُكَ"، و"أعطيتُكِ"، فلك فيه وجهان: الوقفُ بالسكون، فتقول:"أكرمتُكْ"، و"أعطيتُكْ". والوجهُ الآخر أنّ تقف بالهاء، فتقول:"أكرمتُكَهْ"، و"أعطيتُكِهْ"، شُحًّا على الحركة؛ لأنّ الكاف مع المذكّر مفتوحةٌ، ومع المؤنّث مكسورةٌ، فالحركةُ فاصلةٌ بين المذكر والمؤنّث، فأرادوا الفصل والبيان في الوقف على حدّه في الوصل.
ومنهم من يُبالِغ في الفصل، فيُلْحِق الكافَ مع المذكّر ألفًا، ثُمّ يُلْحِق هاء السكت، ومع المؤنّث ياء، فيقول في المذكّر:"أكرمتُكَاهْ"، وفي المؤنّث:"أكرمتُكِيهْ"؛ لأنّ الفصل بحرفٍ وحركةٍ أبلغُ وآكَدُ من الفصل بحركةٍ لا غيرُ, كأنّهم حملوا الكاف على الهاء إذ كانتا علامتيْ إضمار ومهموستَيْن. فلمّا اشتركتا فيما ذكرناه، حُمل أحدهما على الآخر. فكما تقول في المذكّر. "غلامُهُو"، وفي المؤنّث:"غلامُهاهْ"، كذلك تقول في الكاف.
وأجودُ اللغتين أنّ لا تُلْحِق الكافَ المدّةَ. وإنّما فعلوا ذلك بالهاء لضُعْفها وخَفائها وبُعْدِها.
فأمّا الياء في "ضَرَبَنِي" و"غُلامِي"، ففيها لغتان: الفتحُ والإسكانُ. فمَن فتح فلأنّها اسمٌ على حرف واحد، فقُوّي بالحركة كالكاف، ومن أسكن فأراد التخفيف لثقل الحركة على الياء المكسور ما قبلها.
فمن فتح الياء، فالوقفُ عليها على وجهَيْن: الإسكانُ، نحو قولك:"زيدٌ ضَرَبَنِي"، و"هذا غلامِي". ولا تحذف الياء؛ لأنّها قد قويت بالحركة في حال الوصل، ولم تحذف في الوقف، وجرت مجرى ياء "القاضي" في حال النصب. والوجهُ الثاني أنّ تقف بالهاء لبيان الحركة، فتقول. "ضَرَبَنِيَهْ"، و"غلامِيَهْ". ومنه قراءةُ الجماعة:{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}(١).
ومَن أسكن الياء فيهما، فالوقفُ على وجهَيْن أيضًا: أجودُهما إثباتُ الياء؛ لأنّه لا تنوينَ معها يوجب حذفَها، فهي ثابتةٌ في الوصل، ولا تحذف في الوقف، وجرت مجرى